رفع إنتاجية السعوديين وتطوير إدارة القضاء وتأهيل موظفي الحكومة.. أولويات ثلاث



أدار الندوة - خالد الفريان: أعد الندوة - فهد المريخي: تصوير - صالح الجميعة
ضيوف الندوة:
د. عواد العواد وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار رئيس المركز الوطني للتنافسية
د. عبدالملك بن أحمد آل الشيخ المستشار العام لوزير العدل
أ. صالح الحصيني رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى
د. تركي الثنيان أستاذ القانون العام في جامعة الملك سعود
أ. عبدالعزيز العجلان نائب رئيس الغرفة التجارية الصناعية بالرياض
التطوير الشامل لأداء الأجهزة الحكومية في المملكة يمثل هاجسا ملحا لدى كل مواطن ولدى القيادة العليا للبلاد في سياق جهودها المتعددة والملموسة نحو الإصلاح الاقتصادي في المملكة.


ويأمل الجميع الإسراع في إحداث هذا التطوير بما يضمن حصول المواطن على خدمات أفضل، وحقوق أكثر، وتعامل أرقى، وبما يهيئ بيئة أفضل لممارسة أداء الأعمال تحث على الإبداع والابتكار، وتخلق مزيد من فرص العمل الملائمة للمواطن السعودي، وتزيد من مساهمة القطاع الخاص في التنمية الإقليمية المتوازنة لكافة مناطق البلاد، وفي نمو الاقتصاد الوطني، وتخفيف الاعتماد على النفط والذي نصت عليه كافة الخطط التنموية للملكة.
وهذا التطوير الشامل يمثل هم وطني مشترك خصصت له الدولة جهودا مكثفة وأموال كبيرة عبر العديد من البرامج الوطنية الطموحة المدعومة من أعلى المستويات، والناس ما بين متخوف من تعثر أو تأخر بعض هذه البرامج لأسباب مختلفة، ويقول أن المواطن لم يلمس الكثير على أرض الواقع جراء هذه الخطوات والبرامج التي يسمع عنها كثيرا عبر وسائل الإعلام.
وما بين متفائل بأن تسهم هذه الجهود والأموال في إحداث تطوير شامل ينعكس على المواطن، وعلى رفاهيته، بحيث تتوفر له الرعاية الصحية الجيدة، والتعليم المتطور، وغير ذلك من مجالات، وبما يحد من الفقر والبطالة، ويقول أن حدوث آثر كبير ملموس لهذه الخطوات الكبيرة والبرامج الشاملة، ولا بد أن يحتاج بعض الوقت، والمهم أننا بدأنا في الطريق الصحيح.
.. وتعتزم صحيفة الرياض عقد ندوة شهرية تناقش قضايا وبرامج التطوير الذي ينتظرها المواطن، ومناقشة ما يتم انجازه فيها، وما تواجهه من معوقات، وذلك مع المسؤولين عن تلك البرامج، او مع المتخصصين في تلك المجالات.
وكمقدمة لهذه الندوات، نتناول اليوم بشكل عام «التنافسية»، التي برزت مؤخراً كمصطلح يتم من خلاله قياس مدى التطور او «التقهقر»! الذي يتم في أداء الاجهزة الحكومية والخاصة، وكيف يمكن ان تقوم المملكة برفع تنافسيتها دوليا عبر التطوير الشامل لكافة أنظمتها واجهزتها، بما يوفر بيئة افضل لأداء الأعمال، وذلك بمشاركة نخبة من المسؤولين والمتخصصين والمهتمين بهذا الجانب.


وقد اتفق المشاركون في الندوة على أهمية تقارير التنافسية الدولية في المجمل، وأهمية التركيز على رفع تصنيف المملكة فيها، إذ إن ها وسيلة هامة لقياس أداء الأجهزة الحكومية والخاصة وتطويرها بصورة احترافية، وذلك بشرط أن يكون لذلك انعكاس مباشر يلمسه المواطن على أرض الواقع.
ماذا تعني التنافسية
في بداية الندوة قدم الدكتور عواد العواد تعريفا موجزا بالتنافسية حيث أشار إلى أنها تطلق على التحليل الاقتصادي للسياسات والمؤشرات الاقتصادية التي تشكل قدرة دولة ما على خلق مناخ استثماري جيد تكون فيه مؤسسات الأعمال قادرة على إنتاج قيمة مضافة أكبر، ويساعد على تحقيق رفاه أكبر لمواطنيها.
وتعد المنافسة بين منشآت الأعمال على مستوى الاقتصاد الجزئي قوة الدفع الرئيسية لرفع التنافسية، إضافة إلى أهمية استقرار الاقتصاد الكلي بصفته أحد المتطلبات الأساسية لتحقيق التنافسية.
وأشار إلى أن تقييم التنافسية يتم في مختلف الدول بواسطة عدة مؤسسات تصنيف عالمية باستخدام مجموعة متناسقة من المعايير، ويستخدم المركز الوطني للتنافسية في المملكة نحو 300 مؤشر ويركز على مؤشرات وضعها المنتدى الاقتصادي العالمي، والمعهد العالمي لتطوير الإدارة، وذلك من أجل قياس التنافسية التي تتمتع بها المملكة على المستويين الاقتصادي الكلي والجزئي، كما يستخدم المركز تقرير «تسهيل ممارسة أنشطة الأعمال» الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي وذلك لقياس البيئة القانونية والتنظيمية لأنشطة الأعمال في المملكة وتقييمها والتي تؤثر على القطاع الخاص السعودي وعلى المستثمر الأجنبي، وقد تم إطلاق (برنامج 10 * 10) وهو جعل المملكة من بين أفضل عشر دول في العالم من حيث تنافسية بيئة الاستثمار بنهاية عام 2010م، أي بعد أقل من سنتين من الآن، وهو بذلك يمثل تحديا حقيقيا يستوجب جهدا كبيرا من كل الجهات في المملكة ذات العلاقة بتحقيق هذا الهدف بإذن الله.


انعكاس رفع التنافسية على المواطن
} الرياض: التنافسية مصطلح نخبوي بينما المواطن العادي والقارئ غير المتخصص يهمه أن يعرف بشكل مبسط وباختصار ماذا يفيده رفع تنافسية المملكة على أرض الواقع؟
- صالح الحصيني: التنافسية لها أثر مباشر على المواطن، وهي تؤدي إلى تقليص التكاليف والإجراءات، والتنافسية تعني كذلك زيادة الرفاهية، وتعني كذلك سهولة وسرعة البدء في الأعمال مما يترتب عليه نمو أكبر ودخل أفضل ورفاهية جيدة.
عبدالعزيز العجلان: هناك أهمية كبرى لرفع التنافسية بالنسبة للمواطن أو المستهلك بشكل عام لأنها تعطي خيارات واسعة لأنه كلما كانت لديك خيارات كان ذلك من مصلحتك لأن التنافسية تعني رفع الإنتاج وكلما ارتفع الإنتاج كانت لديك خيارات كثيرة وتنوع في المنتج.
د. تركي الثنيان: التنافسية تعني أن شركة أخرى منافسة للشركة المحتكرة ستدخل السوق السعودي بكل انسيابية وسهولة وبما يؤدي إلى انخفاض الأسعار ويجعل الحرب مستعرة بين الشركات التي تهدف إلى خدمة المستهلك في آخر المطاف، وبالتالي يستطيع المواطن أو المستهلك الحصول على السلع والخدمات بأسعار أقل والبدء في إجراءات الأعمال التجارية بكل سهولة.
د. عبدالملك آل الشيخ: أعتقد أن استفادة المواطن السعودي من حصول المملكة على مرتبة متقدمة في معايير التنافسية العالمية فهو شي ملحوظ، حيث إن حصول المملكة على تلك المرتبة المتقدمة سوف يساهم في جذب شركات أجنبية ذات خبرات إدارية متقدمة للعمل في المملكة وسوف تجذب معها فرص عمل للمواطن السعودي مما ينعكس إيجابا على دخل المواطن وكذلك على سوق العمل في المملكة كون هذه الشركات سوف تجلب معها مفاهيم وأخلاقيات عمل جديدة ذات معايير تهتم بالإنتاجية والانضباطية بالعمل وغيرها مما سوف ينعكس ايجابياً على أداء العامل السعودي وإنتاجيته.
التقارير الدولية بين الأهمية وعدم الدقة
} «الرياض»: ما مدى أهمية تقارير التنافسية الدولية ومدى موضوعيتها وحيادها؟
-أكد المشاركون على عدم دقة أو واقعية بعض التقارير الدولية مع عدم موضوعية بعض التقارير في بعض المجالات، وفي هذا السياق ذكر الدكتور تركي الثنيان مثالا يتعلق بحصول المملكة على مركز متأخر في مؤشر الالتحاق بالتعليم العام وفقا لأحد التقارير الدولية، بينما الواقع المعاش في المملكة في هذا المعيار تحديدا يوضح العكس حيث إن نسبة الالتحاق بالتعليم العام هي من أعلى النسب.
رغم ذلك فقد اتفق المشاركون في الندوة على أهمية التقارير الدولية في المجمل، وأهمية التركيز على رفع تصنيف المملكة فيها، إذ إن ها وسيلة هامة لقياس الأداء وتطويره بصورة احترافية، والتعريف بالإيجابيات وتعزيزها في كل دولة من الدول التي تشملها المقارنة في تلك التقارير، وكذلك تسليط الضوء على بعض السلبيات، مما يشكل نوعا من الضغط على الجهات الحكومية من أجل تحسين الأداء في المجالات التي تحصل المملكة فيها على تصنيف متدني كما حدث مع تقييم الجامعات السعودية.


مستوى تأهيل المملكة
لتنافس دوليا
} «الرياض»: تمتلك المملكة مزايا نسبية ومقومات اقتصادية لا تتوفر لدى العديد من دول العالم. ماذا تحتاج لرفع تنافسيتها دوليا؟ وما هي المعوقات التي تواجهها؟
- صالح الحصيني: ليس غريبا ومستحيلا أن تنطلق المملكة إلى مصاف الدول الكبيرة بخلاف بعض الدول التي لا توجد بها إرادة سياسية، في حين تملك المملكة إرادة سياسية ولكن مشكلتها أن الجهاز التنفيذي قديم ويخضع لأنظمة غير مواكبة للعصر، وأن المخرج الوحيد من هذه المشكلة هو تدريب أكثر، وتوفير صلاحيات ومرونات أكثر مقرونة بمحاسبة، لأن الأجهزة التنفيذية كثيرا ما تسعى إلى الدفاع عن نفسها لهذا فإنه من المطلوب أن يتم وضع أهداف محددة للأجهزة التنفيذية حتى تقوم بدورها بالشكل المطلوب، واعتقد جازما أنه لو طلب من جهاز تنفيذي هدف معين مثل إصدار 2000 رخصة استثمار فسيعمل هذا الجهاز بطريقة أفضل للوصول إلى هذا الرقم، والقطاع الخاص خير مثال لذلك لأن القطاع الخاص لديه كميات محددة ومبيعات معينة مطلوب الوصول إليها.
من جهته قال الدكتور عواد العواد أن المملكة تحتاج لرفع تنافسيتها في مجال أداء الأعمال إلى جوانب عديدة منها ما يتعلق برفع تنافسية العنصر البشري ومنها ما يتعلق بالإجراءات الحكومية ومنها ما يتعلق بالبيئة القانونية وغير ذلك كثير من النقاط التي ترد في التقارير الدولية، وتقوم الهيئة العامة للاستثمار بالتواصل المباشر مع الجهات الحكومية والعمل عن قرب معها من أجل معالجة تلك السلبيات، وقد تم إنشاء المركز الوطني للتنافسية لهذا الغرض، والجيد في الأمر أن كثير من هذه الجوانب تم الاهتمام بها من قبل الدولة من أعلى المستويات ورصدت لها مبالغ كبيرة، مقترحا على الجهات التي لديها برامج طموحة وعملاقة وقوية أن تبدأ فقط ببرنامج واحد، فهذا البرنامج دائما ما يعطي الثقة خاصة إذا تم تحقيق نجاح فيه، ويسمح كذلك لتفادي الأخطاء، وهذه الفكرة سبق أن تم تجربتها في وزارة العدل وفي وزارة التجارة، حيث وجدنا تعاونا مشكورا من تلك الجهات.
وعلى سبيل المثال لو ركزنا عملنا على المحاكم التجارية التي تمثل أهمية كبرى لتحسين بيئة أداء الأعمال في المملكة، بأن نضع لها رؤية وأهدافا وأسسا حتى نتفادى العقبات والمشكلات، فالمهم هو أن ننتقي برنامجا معينا ونركز جهدنا عليه، إذ من الصعب إجراء تغييرات شاملة في وقت وجيز لأننا نصطدم بعوائق كثيرة منها عامل الوقت وعامل التكلفة واتخاذ القرار.

إلى ذلك قال عبد العزيز العجلان أن المملكة تحتاج إلى تطوير أداء العديد من الأجهزة الحكومية وسوف أذكر مثلا بوزارة يتسع صدرها للنقد وهي وزارة العمل فإن أصحاب الشهادات العليا في وزارة العمل عددهم محدود جدا مما يؤثر كثيرا على أدائها وتعاملها مع القطاع الخاص الذي يواجه مشاكل عديدة بسب أنظمة وإجراءات وزارة العمل، مضيفا «نحن في القطاع الخاص والجهات الحكومية بالنسبة لتطوير ورفع مستوى التنافسية أشبه بميدان نمثل فيه نحن السيارات وتمثل الجهات الحكومية إشارات المرور، فإذا كانت هذه الإشارات تعمل بتوقيت جيد الحمراء بوقتها والخضراء بوقتها والصفراء كذلك بوقتها فسيكون السير في الطرقات سلسا وسهلا في كل الأوقات، أما إذا كانت الإشارة الحمراء مضيئة باستمرار والخضراء كذلك فإن هذا يسبب مشكلة وإرباكا».
وأوضح العجلان أنه على سبيل المثال البريد السعودي يعيق نشاط القطاع الخاص، وأنهم في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض لديهم مشكلة في التواصل مع منتسبي الغرفة ولا يستطيعون مراسلتهم، فالبريد السعودي بطريقة أو بأخرى منع منعا باتا وصول أي رسالة إلا إلى الشخص المسجل في بطاقة الهوية وأن يشترك كمؤسسة بمبلغ معين، والمملكة تعتبر البلد الوحيد في العالم الذي يشترط فيه لصاحب المنزل أن يدفع مالا حتى تصل الرسالة، وهذا غير صحيح وليس موجودا في بلد في العالم وهذا يعيق مسيرة التقدم والنمو، ونحن في الغرفة التجارية بصدد رفع شكوى إلى المقام السامي بشأن ما نعانيه من البريد السعودي، فهذا يمثل أحد النماذج، وهناك نماذج أخرى لا داعي لسردها، فالمهم أن يكون هناك رقيب على الأجهزة الحكومية حتى يتم تسيير المشاريع التنموية في كافة المجالات، وكما ذكر الأخوة أن لدينا بيروقراطية في مؤسساتنا الحكومية وما زالت مترسخة إلى اليوم، وليس هناك فهم لدور القطاع الخاص باعتباره قطاعا مهما في تنمية البلد وأنه قطاع مأمول فيه في تطوير وتنمية البلد، واستيعاب أبناء الوطن للعمل فيه، ولكن للأسف الشديد هناك من ينظر للقطاع الخاص بأنه ضد التطور والتنمية فهذا غير صحيح.


اتفاق على ضرورة التغيير الجذري في الأجهزة التنفيذية «الرياض»: حتى نكون منصفين للأجهزة التنفيذية وإذا نظرنا إلى جهاز حكومي لديه ملف مهم جدا كوزارة العمل، وأن مستوى التأهيل فيها ضعيف، فهذا يعني أن وزارة العمل وغيرها من الوزارات الحكومية بحاجة ماسة إلى دعم كبير، إما من الجهات العليا أو من وزارة المالية وفقا لأهمية الملفات التي تديرها حتى لا ينعكس ضعف التأهيل الموجود لديها على إدارة هذه الملفات بالاحترافية المطلوبة، ونحن نتحدث عن الوزارات الحكومية عموما وليس عن وزارة العمل فقط.
-صالح الحصيني: اعتقد أن الإرادة السياسية حريصة على الإصلاحات الإدارية وقراراتها موجودة وواضحة، والدليل على ذلك كثرة المشاريع الإصلاحية في معظم القطاعات، ولكن يبدو أن هناك مشكلة في الجهاز التنفيذي، وسبق أن كررت الحديث في هذا الموضوع، أن الجهاز التنفيذي يعاني من مشكلة التدريب وأن الصلاحيات الممنوحة للجهاز التنفيذي تحتاج إلى مراجعة وأن الاستقلالية في الجهاز التنفيذي تحتاج إلى فرص أكبر، إضافة إلى موضوع المحاسبة والتي يجب أن تتم بناء على أهداف محددة، واعتقد أن الأجهزة الحكومية ليس مطلوب منها أن تصرف الميزانية فقط، وإنما المطلوب منها تحسين رفاهية الخدمات المقدمة، والمفروض للأجهزة الحكومية أن تحدد أهدافها بالكميات التي يمكن قياسها، وأن يتم تعزيز دور أجهزة المحاسبة ليتضح دورها بشكل نهائي.
والمملكة عبر تاريخها التنموي لم تستطع انجاز مشاريعها الطموحة من خلال الجهاز التقليدي للوزارات، فقد أنجزت الموانئ من خلال مؤسسة، وأنجزت الكهرباء من خلال مؤسسة وأنجزت السياحة من خلال هيئة، والجبيل وينبع من خلال هيئة، فأنا أرى أنه بدلا من إيجاد هيئات جديدة لا بد من إعادة النظر في الجهاز التنفيذي بشكل عام.
وذكر أن المشكلة الأساسية التي سنواجهها هي أن الأجيال الحالية أو القادمة لن ترضى بكثير من الخدمات التي تقدمها بعض الأجهزة ولا بطريقة تقديمها، ونحن نعلم أن مجتمعنا يشكل الشباب فيه نسبة عالية حوالي 60% لهذا لا يرضى شاب عمره 21 عاما مثلا أن يكون بعيدا عن استخدام الانترنت أو البريد الإلكتروني لإكمال إجراءاته الحكومية.


ولا بد من إعطاء التفاتة قوية لكيفية تحريك الجهاز التنفيذي، وهذا الجهاز يأخذ ما بين 200 - 300 مليار رواتب ومصروفات وهذا يشكل جزءا رئيسا من الدخل، والسؤال هو ما هو العائد من هذا الدخل؟
إذن فإن دور القطاعات الحكومية في رفع مستوى التنافسية يبدأ من تحديد الأهداف، بشرط إعطاء هذه الأجهزة المرونات وعدم تقييدها بأمور إدارية ومالية، وعندها سنرى نتائج باهرة، ولدينا نماذج في ذلك.
من جانبه قال الدكتور عبدالملك آل الشيخ إن نظرة الأجهزة الحكومية لموضوع التنافسية والمفاهيم المتعلقة بها تختلف عن نظرة القطاع الخاص، إلا أننا في الجهاز الحكومي لا بد أن ندرك بأن تحقيق المملكة لمركز متقدم في التصنيف العالمي للتنافسية الذي يعده البنك الدولي هو هدف إستراتيجي للمملكة، أي أنه هدف وطني وليس مقصورا على القطاع الخاص أو مقصورا على الهيئة العامة للاستثمار بل الأجهزة الحكومية المعنية مسئولة مسئولية كبرى عن ذلك أيضا، وما دور الهيئة العامة للاستثمار إلا دور المنسق بين تلك الأجهزة والقطاع الخاص لتحسين بيئة الاستثمار في المملكة، وفي هذه المناسبة أقترح على الهيئة العامة للاستثمار أن تضع مؤشرا سنويا خاصا بالأجهزة الحكومية التي تساهم في تحسين بيئة الاستثمار في المملكة وترصد لها جائزة سنوية، كما أرى أن يتم العمل على إيجاد تحولات في مفهوم العمل الحكومي وذلك بدمجها بطريقة أو بأخرى بمفاهيم القطاع الخاص كالإنتاجية واحترافية العمل والشفافية في توفير المعلومات، هذا إذا أرادت المملكة أن تعزز سوقها المفتوح وتنافس بقوه على جذب الاستثمارات الأجنبية.
ولا شك أن المملكة لديها جهاز حكومي ضخم وفعال ولا يمكن القول أن هذا الجهاز لا يستطيع التصدي لهذه التحديات، وإنما ما أريد أن أؤكده أن أنظمة بعض هذه الأجهزة وإجراءاتها بطيئة ولا تواكب متطلبات المرحلة، لهذا نحن نحتاج إلى إعادة هيكلة لبعض هذه الأجهزة الحكومية وأن تكون هذه الهيكلة مشروعا استراتيجيا بعيد المدى، تنظر له الدولة نظرة جدية إذا ما أردنا أن نحسن من بيئة الاستثمار في المملكة على المدى البعيد، وهيئة الاستثمار تبذل جهدا تشكر عليه إلا أن الجهود لا بد أن تتضافر لتحقيق هذا الهدف، فالمؤمل من الأجهزة الحكومية أن تقوم بدور أكبر لمساعدة القطاع الخاص على القيام بدوره ليساهم في جذب الاستثمارات للمملكة.
وعاد آل الشيخ للتأكيد مرة أخرى أن الأجهزة الحكومية تحتاج إلى خطة إستراتيجية لهيكلة البعض منها وتحسين إجراءات العمل فيها لتقترب ولو قليلا من مفاهيم القطاع الخاص في أدائه للعمل لتساهم في جذب الاستثمارات.
وهناك أمر أخر في غاية الأهمية لتهيئة البيئة الاستثمارية للشركات الأجنبية والمحلية في المملكة ألا وهو أن يقلل قدر الإمكان من التداخل في الاختصاصات بين الأجهزة الحكومية، كونه يمثل عائقاً أمام تطبيق الأنظمة مما ينعكس سلباً على سير العمل الحكومي وبالتالي على الجهود التي تبذل لتحسين بيئة الاستثمار في المملكة، كما أقترح أن تشارك الهيئة العامة للاستثمار بقوة في صياغة الكثير من الأنظمة التي لها التأثير على بيئة الاستثمار في المملكة.
إلى ذلك قال الدكتور تركي الثنيان: أعتقد أن الركيزة الأساسية والعنصر الكيميائي الأول لأي تغيير هو استشعار الحاجة للتغيير، ولكن أن نجد بعض الأجهزة التنفيذية من وزارات وغيرها لا تقوم بأي عمل وأنها تؤكد قيامها بأعمالها، وتعتقد أن لا أحد أحسن منها في أداء العمل، فمستحيل أن ينجز العمل وسيقتل أي مشروع في مهده وسيقاتل قدامى التنفيذيين في ردهات تلك المباني ليحافظوا على مكتسباتهم، وفي اعتقادي لن نستطيع أن ننجز أي مشروع لعدم وجود حوافز لدى هذا المسئول لانجاز المشاريع، ولكن في حالة استشعارهم داخل هذه الأجهزة يمكن الانتقال إلى النقطة الثانية وهو تحديد الهدف، والمسؤولية، وإعطاء الصلاحيات، والوقت ثم تأتي مرحلة المحاسبة، والسؤال الذي يطرح نفسه هل الأجهزة التنفيذية والوزارات تأخذ بمبدأ التنافسية والمقاييس العالمية مأخذ الجد؟ ولنأخذ مثلا وزارات العمل والصحة والتجارة والعدل وغيرها من الوزارات والجهات الحكومية الأخرى هل لديها قيمة مضافة منظورة أم لا، وإذا كانت تلك الجهات لديها جزء من المصداقية ويستشعرون مشكلاتهم فإنني اعتقد جازما أن الخطوة التالية ستكون أسهل في تحديد كيفية معالجة تلك المشكلات، وهو إما عن طريق برامج مستقلة أو عن طريق الأجهزة التنفيذية، أما إذا لم يستشعروا هذه المشكلة فربما تكون هناك إشكاليات أكبر.
وهناك أمر آخر يتعلق بدور الجامعات حيث إن الجامعات مغيبة في الوقت الذي كنا نريد أن تقوم بدور فعال في مجال التنافسية، وهناك مثلا ما يتعلق بحقوق الأقليات في الشركات وفعالية مجالس إدارات الشركات، التي تتردد في التقييم العالمي للتنافسية، فأين بحوث الجامعات الاقتصادية، والقانونية، والنظامية خاصة إذا علمنا أن الجامعات هي منابر للريادة والتغيير في المجتمع، فماذا حققت تلك الجامعات؟ وما هي الخطوة التالية لمثل هذه المعايير؟ لهذا فإنني أرى أن تقام ندوات في جامعاتنا لاستشعار واستنهاض الهمم لمعالجة تلك المواضيع.


كما ذكر الدكتور تركي الثنيان عدة جوانب يرى أنها بحاجة ماسة إلى التطوير ومنها مثلا ما يتعلق بالإجراءات القضائية والتأخير الكبير الذي يحدث في القضايا.
} «الرياض»: هناك اتفاق على أهمية سرعة تطوير الإجراءات المتعلقة بالقضاء في المملكة وإنشاء المحاكم التجارية وكثيرون يرونه هو الجانب الأهم من أجل رفع تنافسية بيئة أداء الأعمال في المملكة، وقد حصلت المملكة على مركز متدني دوليا في مؤشر تنفيذ العقود، بينما حصلت على مركز متقدم جدا في تسجيل الملكية.
-أوضح الدكتور عواد العواد أن المملكة اليوم هي الدولة الأولى في العالم من حيث إجراءات تسجيل الملكية والذي يقيس التكلفة وعدد الإجراءات، وهذا أمر تشكر عليه وزارة العدل بكل تأكيد.
من جهته قال الدكتور عبد الملك آل الشيخ أن وزارة العدل تدرك أهمية تسهيل إجراءات التقاضي وتنفيذ العقود التجارية وسرعة ودقة وسلامة نقل الملكيات لجذب الاستثمار، لذلك صدرت العديد من الأنظمة العدلية وغيرها من الأنظمة كنظام الرهن العقاري والتسجيل العيني للعقار، ووزارة العدل كأحد الأجهزة المعنية بتحسين بيئة الاستثمار تمر الآن بمرحلة انتقالية كبرى لتطوير إدارة القضاء والتوثيق وقد كان للإرادة السياسية ممثلة في خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين أثراً كبيراً في دعم هذا القطاع حيث توجت هذه الإرادة السياسية بإصدار مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء والذي رصد له مبلغ 7 مليارات ريال، والوزارة تمضي قدماً في تنفيذ هذا المشروع الضخم، حيث يسير وفق إستراتيجية بعيده المدى لمدة عشرين سنة من عام 1430ه 1450ه، وهي تعتمد على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وأنظمة المملكة وخططها التنموية، كما أخذت الوزارة على عاتقها توسيع المشاركة في إعداد تلك الإستراتيجية بمشاركة بعض الجهات الحكومية وغير الحكومية التي لها ارتباطات بعمل الوزارة أو مستفيدة من خدماتها وكذلك الاستفادة من الخبرات المحلية والعالمية في إدارة القضاء والتوثيق.
} «الرياض»: هناك من يقول أن رجال الأعمال في المملكة ينتقدون كثيرا الأجهزة الحكومية ويركزون على سلبياتها وتضخيمها بينما يتجاهلون سلبياتهم هم ومنها ما يتعلق بعدم رضاء المستهلك عنهم وغير ذلك من نقاط لا تدخل في موضوع الندوة.. ونريد في هذا المحور الحديث عن القطاع الخاص وكيفية تطويره أداءه بما يكسبه رضا المواطن ولكي يسهم في رفع تنافسية المملكة؟
-وقال عبدالعزيز العجلان أن تطوير القطاع الخاص لنفسه يعتبر أسهل من تطوير القطاع الحكومي ولا يمكن أن نتحدث عن القطاع الخاص وتطويره بمعزل عن القطاع العام ولا يمكن لأي منهما أن يعمل بمفردة، ولا بد من تفاهم وتجالس وتعاون بينهما، ونحن في الغرفة التجارية بدأنا بمشروع جيد وهو منتدى الرياض الاقتصادي وقد ذكر لنا أحد المسئولين أن المنتدى اختصر الكثير من المسافات نسبة لاعتماده على أساس علمي، وقام المنتدى كذلك على دراسات احترافية قدمت إلى الجهات المسؤولية، ونحن في الغرفة التجارية نعمل على إنشاء مركز خاص لاستشراف المستقبل البعيد لمعلومات الاقتصاد في المملكة.
وأضاف العجلان «أريد أن أؤكد مرة أخرى أن القطاعين العام والخاص عنصران متلازمان كالغذاء والهواء لذلك نود أن تكون هناك شفافية تامة بينهما، وخاصة في موضوع الامتيازات، فإذا لم يكن هناك شفافية في مشاريع الامتياز فسيكون هناك فرق كبير، وكذلك لا بد من إقامة رقابة على القطاع الخاص كما هي موجودة على القطاع العام وكما أن لدينا ديوان مراقبة ووزارة مالية للرقابة المالية في الجهة التنفيذية، يجب أيضاً أن يكون لدينا جهة معينة لعملية ضبط عملية القرارات لأنه ربما تكون هناك قرارات مضرة بالاقتصاد».
كذلك هناك أمر يحتاج إلى وقفة وهو إن المستهلك لدينا مغيب تماماً، إذ ليس له أي رأي فيما يقال ولا فيما يبحث، ويجب أن يكون هناك تجمع للمستهلكين وأن يكون لهم جمعية عمومية تشمل رجال الأعمال والمتعلمين وأصحاب الكفاءات لينقلوا وجهة نظر المستهلك بطريقة متوازنة دون إجحاف لأن الإجحاف قد يعيق أعمال القطاع الخاص.
من جهته أوضح الدكتور عواد العواد أن المرتكز الأساسي الذي يقوم عليه مفهوم التنافسية هو الإنتاجية، والإنتاجية مرتبطة بالجهاز الحكومي وبالقطاع الخاص، أي كيف ليستطيع القطاع الخاص أن يرفع إنتاجية المنشأة، وكيف يستطيع أن ينتج سلعاً وخدمات تنافسية على المستوى العالمي، وذات جودة عالية، وكيف يستطيع كذلك أن يكسب أسواقاً جديدة، وكلنا نعلم أن القاعدة الأساسية لاقتصاد أي بلد هو القطاع الخاص، ونتمنى من القطاع الخاص في المملكة النهوض باقتصاد البلاد ونقلها من اقتصاد قائم على الموارد الطبيعية والاستثمارات التي تقودها الدولة إلى اقتصاد قائم على الاختراع والابتكار وهذا هو الجزء الأساسي الذي نفتقده في القطاع الخاص، فالقطاع الخاص لدينا مطالب أن يكون أكثر فعالية وأكثر مبادرة وأكثر قوة للتنافس مع الشركات العالمية بما يصب في خدمة المواطن والمستهلك في النهاية.
وذكر العواد أن الهيئة العامة للاستثمار تسعى إلى تعزيز دور القطاع الخاص المحلي ودعمه عبر العديد من المبادرات وأستشهد بجانب واحد فقط من عمل الهيئة نعيشه هذه الأيام هو منتدى التنافسية الدولي تحت شعار التنافسية المسؤولة في عالم متسارع الأحداث، ففي هذا المنتدى تم تنفيذ عدة مبادرات لتفعيل دور القطاع الخاص المحلي ودعمه هي جائزة الملك خالد للتنافسية المسئولة التي أطلقتها مشكورة مؤسسة الملك خالد وتمنح لأفضل ثلاث شركات سعودية من حيث القيام بمسئولياتها الوطنية والاجتماعية وجائزة مايكل بورتر التي تمنح لأفضل ثلاث شركات سعودية من حيث الإستراتيجيات الإبداعية ومبادرة أكثر 100 شركة سعودية ناشئة نموا وبرنامج جامعة أكسفورد لتدريب القيادات السعودية في القطاعين الخاص والعام.


إلى ذلك قال صالح الحصيني: اعتقد أن دور القطاع الخاص في رفع مستوى التنافس في المملكة ودولياً هو دور حيوي وأساسي لما تملك من مؤسسات، ولهذا مطلوب من القطاع الخاص أن يتقدم وأن يرسم لإعماله مفاهيم متطورة وجديدة.
وبين الحصيني أنه حان الوقت أن تنتقل المؤسسات الخاصة من دور متلقي إلى دور الشريك في التنمية والإصلاح، واقصد بذلك أن القطاع الحكومي يجب أن يعتمد على القطاع الخاص في البحث والتقصي في نقاط الضعف والنقاط التي يجب إصلاحها وتحسينها، ولا يتوقف دور القطاع الخاص على هذه النقاط بل ينتقل إلى دور تقديم حلول باعتبار أن القطاع الخاص لديه موارد وليس لديه القيود الموجودة في القطاع الحكومي، فالقطاع الخاص إذا قام بإعداد البحوث والدراسات اللازمة عقب المؤتمرات والمنتديات فإنه بذلك يخدم الدولة ويساهم في النهوض باقتصادها.
وأضاف «لاحظت أن منتدى الرياض يخرج بتوصيات متقدمة تصل إلى الأجهزة التشريعية والأجهزة الأخرى وذلك لأن هذه التوصيات أخذت بجدية لأنها اعتمدت على جهود بحثية في أوراق العمل المقدمة، وأنتقل القطاع الخاص من مجموعة ضغط إلى مجموعة إقناع، وأنا سعيد أن أرى الوجوه الجديدة والشابة التي دخلت إلى القطاع الخاص وهؤلاء يعول عليهم الكثير بالنهوض بالاقتصاد، ولا ننسى أن الدولة حينما تعقد ندوات ومؤتمرات الدليل والمرشد لها هو القطاع الخاص، لهذا يجب أن يتم التركيز في استخدام القطاع الخاص كدليل ومعرف لاقتصاد الدولة».
وذكر الحصيني أنه من خلال اطلاعه على التجارب العالمية وجد أن الذي يحدد المصالح والاتفاقيات خاصة تلك الاتفاقيات الموجودة في منظمة التجارة العالمية هو القطاع الخاص باعتباره صاحب المصلحة والمرشد للدولة، لهذا فإن المطلوب من القطاع الخاص لدينا أن يكون لديه رؤية خاصة وواضحة عن أهدافه وماذا يريد، يشرط أن يضع نصب أعينه انه شريك مساعد، وذلك لما يمثله هذا القطاع من ثقل في دعم الاقتصاد الوطني.
بيئة أداء الأعمال وشكاوي رجال الأعمال !!
} «الرياض»: ماذا تحقق حتى الآن على أرض الواقع وفقا لبرنامج 10 في 10 الهادف إلى تحسين تنافسية بيئة الاستثمار بينما هناك شكاوي مستمرة من رجال الأعمال من العديد من الأنظمة والإجراءات الحكومية البيروقراطية؟
- وأوضح الدكتور عواد العواد أن هناك اتفاق على أن المملكة لديها من المقومات ما يؤهلها لكي تحتل مراكز أفضل بكثير في تقارير التنافسية الدولية، وبحيث يتم تقليص الصعوبات التي تواجه رجل الأعمال المحلي والأجنبي، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ونحن نؤكد لشركائنا في القطاع الحكومي ذلك دائما، وقد حدثت تطورات في عديد من المجالات الهامة في مجال أداء الأعمال خلال السنوات الأخيرة، ودور الهيئة العامة للاستثمار يعد تنسيقياً كما أن كل جهة من الجهات تقوم بعملها المتخصصة فيه، أما الهيئة فتهتم ببيئة الاستثمار بشكل عام، ولديها عمل تنسيقي مع كافة الجهات الحكومية بدعم مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - وبتعاون كافة الجهات الحكومية، حيث نسعى مع شركائنا للوصول إلى حلول مهمة بالنسبة لنا، إذ ليس أمامنا سوى عامين لتحقيق هدف 10 في 10، وعلى وجه الدقة نحن مطالبون أن نحقق هذا الهدف نهاية 2010م.
ومن وجهة نظري من خلال تجربتنا في موضوع التنافسية فإن رفع تنافسية المملكة يحتاج التدرج والتركيز على أسلوب إعطاء الأولوية على مجالات محددة وتطويرها.
وهناك جهات حكومية افخر بأنني عملت معهما في إجراء تعديلات عديدة معها منها تعديلات إجرائية وتعديلات على الأنظمة وتعديلات تقنية وتم تدريب بعض الموظفين واعتبر أن تجربتي مع تلك الجهات الحكومية والشركاء تجربة رائعة»، والسؤال المطروح هل هي حققت المطلوب 100%؟ الجواب لا.. وهل وصلنا إلى مبتغانا المطلوب؟ الجواب لا.. ولكن تم إنجازه العديد من الأمور على أرض الواقع، وقد قامت الهيئة من خلال برنامج 10في 10بالتنسيق مع العديد من الجهات الحكومية مشكورة لتحسين بيئة أداء الأعمال في المملكة، ففي مؤشر بدء النشاط التجاري مثلا، والذي يقيس الإجراءات القانونية اللازمة لتأسيس شركة وتشغيلها، والمدة الزمنية اللازمة لاستيفاء كل إجراء، والتكلفة اللازمة لاستيفاء كل إجراء، والحد الأدنى المدفوع من رأس المال، قامت وزارة التجارة والصناعة بإلغاء اشتراط نشر ملخص عقد التأسيس في الجريدة المحلية، وكذلك نشر الاسم التجاري على الموقع الالكتروني بدلا من الجريدة المحلية، وتجزئة الرسوم المدفوعة للحصول على السجل التجاري، وتسهيل إجراءات التسجيل عن طريق التسجيل الالكتروني عبر الانترنت فيما يتعلق بالانتساب إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية.
واليوم باستطاعة المواطن هو وشقيقه أو شقيقته بمبلغ (5.000 ريال) أن يؤسس شركة في وزارة التجارة هذا الأمر قبل عام واحد لم يكن ذلك ممكنا حيث كان الحد الأدنى لتسجيل الشركات هو 500 ألف ريال، كما تم تأسيس المكتب الموحد في وزارة التجارة لخدمة رجال الأعمال السعوديين.
وبخصوص مؤشر تسجيل الملكية والذي يقيس الإجراءات القانونية لنقل صك الملكية الخاص بعقار، والمدة الزمنية اللازمة لاستيفاء كل إجراء، والتكلفة اللازمة لاستيفاء كل إجراء قامت وزارة العدل بتفعيل نظام تسجيل العينة للعقار والمملكة في تقرير البنك الدولي هي الدولة الأولى في العالم من حيث تسجيل الملكية والذي يقيس التكلفة وعدد الإجراءات.
أما فيما يتعلق بمؤشر الحصول على الائتمان والذي يقيم الحقوق القانونية للمقترضين والمقرضين وتبادل المعلومات الائتمانية وتغطية المراكز العامة والخاصة للمعلومات الائتمانية، فقد قامت الهيئة من خلال برنامج 10في 10 بالتنسيق مع السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) لزيادة عدد الأفراد والشركات المسجلة لديها وما تحتويه هذه السجلات من معلومات ذات علاقة بمؤشر الحصول على الائتمان.
وأما مؤشر التجارة عبر الحدود والذي يقيس المستندات الضرورية للاستيراد أو التصدير، والمدة الزمنية اللازمة لإتمامها، والتكلفة المتعلقة بذلك، فقد صدرت التوجيهات الكريمة بتخفيض رسوم المؤانئ إلى 50% والذي انعكس على ترتيب المملكة في هذا المؤشر. وفيما يتعلق بمؤشر حماية المستثمرين والذي يقيس نطاق الإفصاح، ونطاق مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة، وحقوق المساهمين في إقامة الدعاوى، فقد قامت كل من وزارة التجارة والصناعة وهيئة السوق المالية بإصدار قراراتها وتعديل لوائحها لدعم وحفظ حقوق المساهمين في الشركات المساهمة وخاصة حقوق الأقلية منهم.
كما أن الهيئة بدأت العمل مع كل من وزارة العدل وديوان المظالم من أجل رفع تنافسية المملكة في المجال القضائي وبما يتناسب مع وضع المملكة وتجارب الدول المتقدمة في هذا المؤشر، كما يجري التنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لتسهيل إجراءات رفع دعاوى الإفلاس والإسراع في إنهائها والتي سوف يكون لها الأثر الواضح على الاقتصاد السعودي وعلى معدل استرداد الدين، وبالتالي ارتفاع تصنيف المملكة في تقارير التنافسية الدولية.
وهذه أمثلة على ما تم إنجازه على أرض الواقع، ونحن راضون عنه، ولكن بلا شك أن طموحنا أكبر وطموح الناس في تزايد ولا يرضون بشيء أقل مما هو موجدو في الدول المتطورة، وعلينا أن ندرك أن المشوار ما زال طويلا، ونحن نشكر كل المسئولين الذين يسعون لتطوير أداء جهاتهم مما يسهم في تحسن بيئة الاستثمار سواء في سياق برنامج 10 في 10 أو بمعزل عنه وقبل إطلاقه كما هو الحال مثلا مع الجوازات التي تعتبر نموذج جيد للتطوير المستمر في الإجراءات وأسلوب تقديم الخدمة.
إمكانية تحقيق هدف 10*10
وفي ختام الندوة هناك تساؤل عن إمكانية تحقيق هدف 10 في 10 هل هو ممكن أم صعب أم مستحيل فكانت الإجابة على النحو التالي:
صالح الحصيني: ممكن، وأنا أتمنى ليس الوصول إلى 10*10 ولكن أتمنى أن يشعر الجميع بهذا الرقم، وأتمنى أن يشعر الموظف البسيط مثلاً في رفحاء وسامطة والقنفذة وغيرها من القرى والهجر والمدن أن يشعر بهذا الرقم وان يكون ملموساً على أرض الواقع.
في حين أجاب عبدالعزيز العجلان بأنه ممكن إذا ... !، كما أن الدكتور تركي الثنيان قال أنه ممكن، في حين قال الدكتور عبدالملك آل الشيخ أنه ممكن، ولكن المطلوب ألا يكون المؤشر الصادر في 2010 هو الهدف وإنما المطلوب أن يكون الهدف أبعد من ذلك.
إلى ذلك قال الدكتور عواد العواد: وفقا لتقرير البنك الدولي فقد تحسن تصنيف المملكة من المركز السابع والستون بين 135 دولة عام 2005 إلى المركز السادس عشر بين 181 دولة عام 2008م، وهذا يجعلنا نشعر بأمل كبير ببلوغ الهدف، ويبقى الأهم الاستمرار في التحسين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق