ضرورة تبني استراتيجية فعاله تستند على منهجية علمية في تطویر نشاط التدریب الإداري في القطاع العام بالعالم العربي


يعاني التدريب في القطاع الحكومي في الدول العربية الكثير من أوجه القصور التي تحول
دون تحقيقه لأهدافه المأمولة في تطوير الكوادر البشرية. فهو يعتمد في أغلب الأوقات على إتباع
أساليب روتينية مكررة تفتقر للإبداع والتجديد بما يتناسب مع متطلبات العصر والمتغيرات في
البيئة المحلية والعالمية وترآز بعض إدارات ومعاهد التدريب على الكم وليس الكيف حيث تنظم
الكثير من البرامج التدريبية وتمنح الشهادات التدريبية بمسميات براقة دون أن يكون لهذه البرامج
التدريبية أثر على سلوك وأداء المتدرب الأمر الذي يجعل من التدريب مسألة شكلية في بعض
الأحيان ومسألة ترفيهية في أحيان أخرى الأمر الذي يجعل المؤسسات التدريبية مجرد مطابع
للشهادات وأماآن لإقامة الحفلات الدعائية لتوزيع الشهادات وإيهام الآخرين بالتطوير والتحديث في
القطاع العام.
فالتدريب الناجح عبارة عن جهد مخطط ومنظم يزود المتدربين بالمعلومات والمهارات
والخبرات التي تساعدهم على تحسين أدائهم للأعمال المناطه بهم ورفع معدلات الإنجاز الوظيفي.
والتدريب عملية إدارية متكاملة تتطلب التخطيط الجيد والتنظيم والمتابعة والتقويم.
آما يجب أن نراعي في عملية التطوير أهمية تكامل أنشطة وجهود المؤسسات التدريبية مع
منظومة التحديث والتطوير في جميع قطاعات المجتمع السياسية والتعليمية والصحية والاقتصادية
والاجتماعية.
وانطلاقاً من هذه النظرة الشمولية لأبعاد عملية التدريب الإداري الفعال فإن هذه الورقة
تقترح ضرورة تبني استراتيجية فعاله تستند على منهجية علمية في تطوير نشاط التدريب في
القطاع العام بالدول العربية وأن ترآز هذه الاستراتيجية التطويرية على تشخيص الواقع ودراسته
بدقه والارتقاء بجميع العناصر المساهمة في رفع آفاءة التدريب من خلال تطوير وتحسين العناصر
الرئيسية المكونه للعمل التدريبي:
-1 المنظمات الحكومية
-2 المؤسسات التدريبية
3– البرنامج التدريبي
4– المدرب
5– المتدرب

-1 المنظمات الحكومية
تعاني معظم منظمات القطاع العام من نقص الموارد المالية المخصصة لتدريب وتطوير
الكوادر البشرية.
آما تنتشر في هذه المنظمات الأساليب الروتينية والأنماط المتكررة في أداء الموظفين
لأعمالهم. فهناك ثقافه سائدة مفادها أن الموظف العام بإمكانه اآتساب الخبرة من خلال رئيسه
وزملائه وأسلوب التجربة والخطأ ولا يحتاج إلى التدريب والتطوير بصفة مستمرة.
ومثل هذه الأجواء تسهم في خلق " ثقافه إدارية " تقاوم التدريب وتنظر إليه آنشاط تكميلي
وترفيهي أآثر من آونه ضرورة للإرتقاء بالأداء الوظيفي.
آما نلاحظ في بعض الأحيان أن المشارآة في الدورات التدريبية المتقدمة داخل الدولة
وخارجها يقتصر على الإدارة العليا والقيادات الإدارية وأن المستويات الدنيا لا تحظى بالتشجيع
الكافي لحضور مثل هذه الدورات.
لذا فإني أطالب بالمساهمة في تصحيح هذه النظرة القاصره وشمول الدورات التدريبية لكل
الموظفين في جميع المستويات الإدارية من خلال تصميم :

أ- برامج تدريبية لتوجيه الموظفين الجدد عند التحاقهم بوظائفهم.
ب– برامج تدريبية تمهيدية.
ج- برامج تدريبية تخصصية (إدارية، سلوآية، فنية، غير ذلك) وبما يتناسب مع متطلبات الأداء
لهذه الوظائف.
2– المؤسسات التدریبية :
يسود المؤسسات التدريبية نفس الروتين الذي يسود بقية أجهزة القطاع العام. وتواجه هذه
المؤسسات العديد من المشاآل من بينها :
- ضعف الميزانيات المخصصة لها ولأنشطتها المتنوعة.
- ضعف الاهتمام بتحسين مرتبات وحوافز أعضاء هيئة التدريب.
- النقص في الوسائل التعليمية المطورة داخل قاعات التدريب.
- أن القاعات المخصصة للتدريب أشبه ما تكون بفصول دراسية وتفتقر للأجواء المشجعة على
التعلم الممتع.
- ضعف الدعم للاشتراك في الدوريات العلمية وشبكات المعلومات ذات الصلة بالتدريب.
- انعدام الاتصال بمعاهد التدريب العالمية والعربية المرموقة لأجل تبادل الخبرات والتجارب.
وتؤدي هذه المشاآل إلى قتل الإبداع والتطوير في داخل هذه المؤسسات وتحجيم أنشطتها
وجعلها مجرد إدارات بيروقراطية تقوم بطبع الشهادات وتوزيعها.
والمفروض أن تسود هذه المؤسسات ثقافة "التعليم المستمر" وأن تكون قادرة على الابتكار
والتكيف مع تغيرات العصر وتزويد موظفي الدولة بالمعارف والمهارات التي تساعدهم على أداء
أعمالهم بكفاءة عالية.
-3 البرنامج التدریبي :
تصميم البرنامج التدريبي عبارة عن علم وفن في وقت واحد وآلما أعدت المادة التدريبية
بواسطة خبراء مؤهلين آلما زادت فرص البرنامج في النجاح والقبول لدى المتدربين.

وفي رأي أن البرنامج التدريبي الفعال يجب أن يشتمل على عدة عناصر أهمها :
1– المنهج التدريبي (الحقيبة التدريبية) ويجب إعداد موادها واختيار موضوعاتها وفق أسس علمية
مدروسة وبما يتناسب مع موضوع الدورة واحتياجات المتدربين.
لكن الملاحظ في بعض الأحيان أن الحقيبة التدريبية أقرب ما تكون إلى " الملزمة " أو "
المذآرة " الدراسية التي تجمع بعض المقالات والأبحاث وفصول بعض الكتب وبدون ربط أو
تكامل بين المواضيع.
وربما يتصور البعض أن الحقيبة التدريبية عبارة عن " آوآتيل معلوماتي " وتجميع
للقصاصات وقص ولزق من هنا وهناك. وبذلك لا تراعي الحقوق الفكرية للآخرين ويكون المنهج
التدريبي ضحلاً في محتواه وسطحياً في مواضيعه ولا يحقق الفائدة المرجوة منه.
-2 استخدام الحاسوب في عرض المعلومات فهناك بعض برامج الحاسوب – مثل " البوربوينت "
– التي تساعد في عرض المعلومة بطريقة شيقه وجذابه للمتدرب. أما الطريقة التقليدية
المعتمدة على " الإلقاء فقط " لم تعد آافية لوحدها في توصيل المعلومات.
3– استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في العرض مثل أجهزة البروجيكتور والشاشات
التلفزيونية الكبيرة وهذه توضح المعلومه وتساعد في توصيل الأفكار التدريبية بشكل أفضل.
-4 استخدام الأفلام التدريبية وعادة ما تعد هذه الأفلام شرآات متخصصة وتسهم في توصيل
الأفكار بطريقة ممتعه ومرآزه.
-5 استخدام المواد السمعية والبصرية المتاحه على شبكة الانترنت.
-6 الاستفادة من المعامل التعليمية.
-7 الاستعانه بالكتب والاصدارات الحديثة ذات العلاقة.
آل هذه العناصر تسهم في بناء " برنامج تدريبي " فعال ويجب أن نطلع على تجارب
المؤسسات التدريبية المتقدمة في العالم ونستفيد من خبرائها وخبراتها في هذا المجال.
آما يجب أن ندعم زيادة المعارض التعليمية للإطلاع على أحدث الوسائل التدريبية.

-4 المدرب :
المدرب في مؤسسات تدريب القطاع العام ما أن يخضع لأنظمة الخدمة المدنية التي تصنفه
آموظف حكومي أو لكادر وظيفي أشبه ما يكون بكادر أعضاء هيئة التدريس في الجامعات أو أن
يتم توظيفه عن طريق التعاقد.
وفي آل هذه الأوضاع الوظيفية يعاني من ضعف المرتب وضآلة الحوافز المادية
والمعنوية. آما نلاحظ أن المدرب العربي يعاني الكثير من المعوقات ومن بينها :
أ- عدم وجود الدعم المالي لتطوير قدراته وإعادة تأهيله بما يتناسب مع الثورة المعرفية في شتى
العلوم والفنون وبما يساعده على الإلمام بالتطورات في مجال تخصصه.
ب- عدم توفير الوسائل التدريبية المتقدمة له مثل الحاسب الآلي وأجهزة عرض المعلومات والأفلام
التدريبية..... الخ.
ج- عدم وجود جمعيات أو نقابات مهنية تنظم عمله وتدافع عن حقوقه وتساعده على تطوير مهنته.
د- عدم وجود جهات تشرف على تقييمه بطريقة موضوعية وتسهم في التعريف به لدى أفراد
ومؤسسات المجتمع الذين يحتاجون لخدماته.
ه- عدم السماح له بالعمل في القطاع الخاص وعدم مرونة الأنظمه واللوائح الخاصة بذلك.
والمدرب هو مفتاح نجاح التدريب، وبإمكان المدرب الناجح التغطيه على نواحي القصور
في البرنامج التدريبي بقدراته ومهاراته وأساليبه الشيقه في عرض المادة التدريبية.
5 - المتدرب :
لم تنجح أجهزة الخدمة المدنية في القطاع العام في خلق " ثقافه تدريبية " تجعل التدريب
أحد أهم وسائل الاستثمار في الموظف من خلال تطوير معارفه وقدراته ومهاراته بصفة مستمرة.
آما لا يوجد في القطاع العام تحديد لما يسمى " بالمسار الوظيفي " لكل موظف. والمسار الوظيفي
نشاط تدريبي يهدف لإآساب الموظف المهارات والقدرات والمعلومات والسلوآيات والاتجاهات
التي تجعله ملائم لمتطلبات الوظيفة التي يشغلها ومسارات العمل التي سيرتقى لها في المستقبل
حيث نلاحظ العشوائية والازدواجية في حضور الدورات التدريبية.
وفي بعض الأحيان يرشح بعض الموظفين لحضور بعض الدورات التدريبية التي لا علاقة لها
بتخصص الموظف لاعتبارات تتعلق بالواسطه والمحسوبية والمجاملات الشخصية.

آما يعتبر بعض الموظفين أن الهدف الأساسي للدورات التدريبية هو الحصول على
الشهادة والانتداب لعدة أيام ولذلك لا يحرص على التفاعل مع متطلبات هذه الدورات بالشكل
المأمول.
والبعض يعتبر وقت الدورة التدريبية فترة للراحه والترفيه والاستجمام ولا يحرص على
الاستفادة من البرنامج التدريبي في تطوير ذاته. وهذا يؤدي إلى إهدار الموارد المالية وانتشار
المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق