الفرق بين الموظف الحكومي ونظيره في القطاع الخاص

تكثر المقارنات بين القطاع الحكومي والخاص وعادة ما ترجح كفة موظف القطاع الخاص على الموظف الحكومي، ومن شواهد هذا الأمر نجاح القطاعات العامة التي تم تخصيصها حتى الآن. والسؤال الذي يتكرر لماذا هذه الإنتاجية المتدنية لموظفي القطاع العام؟ وكيف سيكون حالها لو ارتفع مستوى أداء موظفيها إلى مستوى أداء موظفي القطاع الخاص أو أعلى؟ وما هو العائد على الوطن والمواطن؟ خصوصاً أن هناك دولا حول العالم مثل سنغافورة كان موظف القطاع العام بمستوى موظف القطاع الخاص أو أعلى وحققت بذلك الكثير بسبب كفاءة أداء قطاعها العام وفاعليته.
للأسف هناك العديد من المميزات التي تقدم للموظف الحكومي ساهمت في تكوين شخصيته وأثرت على قدراته ومهاراته، فساعات العمل غالباً لا يتم الالتزام بها إما لعدم وجود المحاسبة على التأخير أو الخروج المبكر، وإما لعدم الحرص على الإنجاز أو وجود القدوة وكثيراً ما يتخلل وقت العمل الإفطار وقراءة الجرائد وكذلك الخروج لإحضار الأبناء من المدارس ومراجعة بعض الدوائر الحكومية لإنهاء معاملات شخصية.. إلخ، مما أدى إلى ضعف الإنتاجية خصوصاً في ظل عدم وجود محاسبة أو معايير واضحة لقياس الأداء أو المفاضلة بين الموظف المجد المخلص والموظف المهمل! وعلى صعيد الحوافز المادية في القطاع الحكومي هناك سلم رواتب واضح وعلاوات سنوية ومميزات غالباً ما يحصل عليها الفرد مباشرةً من دون تقييم وإن وجد فهو تقييم روتيني دوري، كما أن فصل أو إنهاء خدمة الموظف الحكومي الكسول من الأمور المستعصية مما يجعل بعض المديرين يلجأون إلى النقل أو النفي أو غيرها من الإجراءات التي قد تؤدي بالموظف إلى ترك تلك الوظيفة عندما يطفح الكيل!.
أما برامج التدريب والتطوير للموظف فهي في القطاع العام مرتبطة بالاعتمادات السنوية في الميزانية التي تتفاوت من قطاع إلى آخر وقد يسعى البعض إلى إلغاء هذا البند وتوفيره على حساب أمور أخرى.
إن ذلك وغيره قد أسهم بشكل مباشر في تشكيل هوية الموظف الحكومي وإظهاره أنه موظف غير جاد ولا يسعى إلى التطوير والإنجاز وعلى الجانب الآخر نرى أن معظم شركات القطاع الخاص تحرص على تقييم الموظف وتطويره وتضع معايير محددة لقياس أدائه مما أسهم في التزامه ورفع إنتاجيته سواء بالنسبة إلى حضوره أو انصرافه أو إجمالي عدد ساعات العمل اليومية التي كثيراً ما ترتبط بإنجاز العمل المكلف به، ودون شك أن القطاع الخاص يقدم حوافز تبنى على حجم وكفاءة الأداء والعائد على أصحاب المنشأة وما نسمع عنه من رواتب أعلى في القطاع الخاص لا يأتي من فراغ بل هو محسوب بالإنتاجية والمردود الذي يجنيه صاحب المؤسسة، وإن كان موظف القطاع الحكومي ينتظر بفارغ الصبر حلول نهاية الشهر لاستلام راتبه فموظف القطاع الخاص يصاب بالقلق إن لم يحقق المخطط له في هذا الشهر، فدخله مرتبط بإنجازه. وشكوى عدم الاستقرار في القطاع الخاص من بعض الموظفين هي مرتبطة بعدم الإنجاز وإلا فكيف يستغني صاحب المؤسسة عن الموظف الذي يزيد أرباحه ويطور منشأته.
إن أهم فرق واضح وملموس بين الموظف في القطاع الحكومي والقطاع الخاص هو عدم وجود مبدأ المحاسبة والمتابعة والتأكد من الإنتاجية والالتزام وهي السمة التي يتميز بها القطاع الخاص ويفتقدها كثير من القطاعات الحكومية، وقد يكون من المناسب إلى جوار ما تقوم به الدولة من جهود حثيثة في مجال الخصخصة أن تكون هناك آلية أخرى لتطبيق مبدأ المحاسبة والتقييم المستمر للعاملين في الدوائر الحكومية كافة، وذلك لنرتقي بمستوى الخدمات التي تقدم من خلال تلك الجهات ولنساهم بهذا الإجراء في تحسين الصورة والانطباع العام عن الدوائر الحكومية.
وفي الختام تخيلوا معي حال الوضع الاقتصادي، ومستوى الخدمات التي تقدم لنا كمواطنين ومقيمين عندما يرتفع مستوى وأداء ومهنية موظفي القطاع العام.. إنها أمنية أتمنى أن تتحقق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق