رفع كفاءة أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية – مطلب أساس للتنمية

مقدمة:
تنبع أهمية هذه الدراسة من وجود علاقة قوية بين كفاءة أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية، وبين تحقيق متطلبات التنمية، إذ أن كفاءة هذه الخدمات تنعكس إيجاباً على المستفيد منها سواء كان ذلك المستفيد قطاعاً خاصاً أو مواطناً عادياً له حاجاته واهتماماته الخاصة، والعكس صحيح في حالة ضعف وبطء هذه الخدمات حيث تؤثر تأثيراً سلبياً وبالذات على أداء القطاع الخاص الذي بحاجة إلى بيئة مناسبة يستطيع من خلالها القيام بالدور المطلوب منه في ظل بيئة تنافسية عالمية تشتد حدة وصعوبة عاماً بعد آخر، وكما أوضحت نتائج دراسات منتدى الرياض الاقتصادي في دورتيه الأولى والثانية عن شكوى مجتمع الأعمال المتكررة من وجود بطء وبيروقراطيه وصعوبة في الحصول على المعلومات اللازمة لهم والانخفاض في كفاءة أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية, وهو ما يعرقل أداءهم لأعمالهم بالسرعة والكفاءة والتكلفة المطلوبة, ووضع هذا شأنه أو تلك هي طبيعته يتطلب إجراء مثل هذه الدراسة لتقييم مستوى أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية باستخدام منهجية علمية لتحديد نقاط الضعف والقوة وأساليب العلاج من أجل العمل على الارتقاء بمستوى كفاءة أداء تلك الخدمات لضمان تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة, حيث لايمكن تصور تنمية مزدهرة يقودها القطاع الخاص دون وجود قطاع حكومي فاعل ومساند له.
ومما هو جدير بالذكر الاهتمام البالغ للقيادة السياسية بهذا الموضوع, حيث تم صدور عدد من التوجيهات الملكية السامية وقرارات لمجلس الوزراء الموقر في الآونة الأخيرة وذلك بشأن قيام الأجهزة الحكومية بتحسين ورفع كفاءة الأداء للخدمات التي تقدمها للمواطنين, وهو ما كان له عظيم الأثر في تحسن أداء الخدمات في بعض الأجهزة الحكومية, وفي الوقت نفسه كان من أهم الدوافع لأجراء مثل هذه الدراسة من أجل قياس النتائج الفعلية لهذه القرارات على ارض الواقع وآثارها التنفيذية على تحسين ورفع كفاءة أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية المختلفة.

محتويات الدراسة :
تنقسم الدراسة إلى أربعة فصول رئيسة موزعة على ( 148 ) صفحة شاملة الفهرس والملخص التنفيذي والمراجع, وتناول الفصل الأول مدخلاً عاماً للدراسة شمل كلا من المشكلة والأهداف ومنهجية الدراسة, بينما تناول الفصل الثاني أدبيات الدراسة والتي شملت نبذه عن تطور برامج الإصلاح الإداري, ونتائج بعض الدراسات السابقة وتجارب بعض الدول الناجحة في هذا المجال, كما تناول الفصل الثالث تحليلاً لنتائج الدراسة الميدانية, وأخيراً تناول الفصل الرابع التوصيات المقترحة لرفع كفاءة أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية.


أهداف الدراسة:
تستهدف الدراسة تشخيص مشاكل الوضع الراهن لمستوى أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية المختلفة وتقييمها, بغية اقتراح عدد من التوصيات لزيادة كفاءة وفاعلية وجودة مستويات الأداء لتلك الخدمات, وبما يحقق رضا المستفيدين المتعاملين مع تلك الأجهزة ويلبي تطلعاتهم, ويوفر البيئة الاستثمارية الملائمة للقطاع الخاص للقيام بدور فاعل في بيئة التنافسية العالمية.


منهجية الدراسة:
استخدمت الدراسة المنهج التحليلي الوصفي (الاستقرائي والاستنتاجي) من أجل تشخيص مشاكل الوضع الراهن وأساليب العلاج، إضافة إلى الاستفادة من نتائج الدراسات السابقة والتجارب الدولية الناجحة في هذا المجال.
كما استخدمت الدراسة واحداً من أهم الأساليب ومناهج البحث المعتمدة لقياس كفاءة أداء الخدمات, والمتمثل في الدراسة الميدانية لاستقصاء مرئيات المتعاملين مباشرة مع تلك الخدمات سواء المتلقين أو مقدمي الخدمه, ولأغراض ترتيب درجات الرضا عن الخدمة ومستوياتهاـ استخدمت الدراسة مقياس ليكرت المعروف بصورته الثلاثية أو الخماسية وذلك حتى يتمكن متخذ القرار بالتطوير الإداري تحديد أولويات الوزارات أو الإدارات أو الخدمات الواجب البدء بتطويرها، وقد شمل المسح الميداني لأداء الخدمات عينة من الأجهزة الحكومية بعدد ( 14 ) وزارة وجهة حكومية ضمت عدد ( 38 ) خدمة من الخدمات التي تقدم للجمهور، وقد بلغ حجم عينة مجتمع الدراسة ( 1011 ) مفردة تم توزيعها بنسبة ( 85% ) ذكور, ( 15% ) إناث كما تم توزيعها مناصفة بين مجتمع الأعمال والجمهور كمراجعين والمسئولين الحكوميين (الإداريين والتنفيذيين) من ذوي العلاقة المباشرة في التعامل مع الجمهور وبوصفهم مقدمي الخدمة, كما تم توزيع العينة على مستوى المملكة بأسلوب العينة الطبقية العشوائية وعلى ثلاث مدن رئيسة وهي : الرياض وجدة والدمام بنسب بلغت 50% , 30%, 20% على التوالي, وذلك بوصفها تمثل مراكز الثقل السكاني والتجاري بالمجتمع.
وقد تم تصميم عدد أربع استبيانات خصصت الأولى منها لمجتمع الأعمال, والثانية للمسئولين الحكوميين الإداريين, والثالثة للموظفين التنفيذيين من مقدمي الخدمة, في حين خصصت الاستبانة الرابعة للمراجعين من عامة جمهور المواطنين المتعاملين مع تلك الجهات والخدمات, وقد شملت الاستمارة الخاصة بكل مجموعة أسئلة للتعرف على الخواص العامة للمستجيب للاستبيان وعناصر الجودة والمشاكل التي تخصه وأساليب العلاج المقترحة في كل حالة منها على حدة.
وتمت معالجة البيانات باستخدام مجموعة حزم البرامج الإحصائية المعروفة باسم ( SPSS ) وعدد من المعايير والمؤشرات الإحصائية الوصفية البسيطة مثل التكرارات والنسب المئوية والمتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية, وذلك من أجل تحديد مستويات ودرجات رضا كل من مقدمي او متلقي الخدمة وترتيبهم للمشاكل وأساليب العلاج وفقاً لأهميتها وأولوياتها من وجهة نظر كل منهم.


نتائج الدراسة المكتبية:
1. تناولت الدراسة المكتبية بعض أدبيات الدراسة المتعلقة بمفهوم القطاع الحكومي ودوره, وبعض معوقات أداء الأجهزة الحكومية بوجه عام, وبعض أساليب رفع كفاءة الأداء بالأجهزة الحكومية, فضلاً عن نبذة سريعة عن تطور برامج الإصلاح الإداري بالمملكة وانجازاتها, وبعض أراء علماء علم الإدارة, وبعض الدراسات ذات العلاقة بموضوع الدراسة .
2. التجارب الدولية الناجحة في مجال تطوير أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية: تناولت الدراسة تحليلاً لكل من التجربة الكندية والنيوزيلندية والسنغافورية والماليزية بالإضافة إلى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة وفيما يلي عرضاً لتجربة كل دولة بايجاز على النحو التالي:
‌أ. التجربة الكندية: وتميزت بوضع خطة للإصلاح لمدة عشر سنوات تبدأ من عام 1990م إلى عام 2000م واتسمت تلك الخطة بما يلي – منح نواب الوزراء حرية أكبر وتقليل الرقابة الإدارية المركزية عليهم والمحاسبة على النتائج ، تبسيط وتجديد الأساليب الإدارية ، وتبني برنامج أطلق عليه ( الخدمة العامة 2000 ) من أجل تحسين الخدمات للمواطنين، وإلغاء الروتين المعقد ، وتفويض الصلاحيات بدرجة اكبر للموظفين ، والاهتمام بالعنصر البشري ، والتقني ، والاستجابة الفاعلة لطلبات المواطنين المستفيدين ، وتشجيع الإبداع والتميز في العمل الإداري ، مع استمرارية تقييم البرامج المنفذة، وقد تم توجيه الأجهزة الحكومية بضرورة اعتبار احتياجات المستفيدين من الخدمة أساس لبرامج التطوير ، وأن تتضمن البرامج والخطط التركيز على تحسين جودة الخدمات وتطبيق معايير ومؤشرات قياس الأداء .
‌ب. التجربة النيوزيلندية : قامت الحكومة في منتصف الثمانيات بإعادة هيكلة القطاع الحكومي والعام من أجل رفع الكفاءة وتحديد المسئوليات ، وتحقيق التميز في مستوى تقديم الخدمة ، وذلك من خلال تحديد الصلاحيات والاختصاصات للسلطات الإدارية ، ووضع أهداف محددة وواضحة لكل جهاز ، وتبني نظام فعال للمساءلة في ظل إعطاء حرية أكبر للقيادات الإدارية للتصرف تجاه تحسين الخدمات ، وكذلك ركزت على ضرورة كتابة ومتابعة تقارير الأداء ، والتركيز على المخرجات والنتائج المستهدف تحقيقها وفق الآليات التنفيذية المحددة ، وقد تبنت مشروع أطلق عليه ( مشروع باثفيندر) لمساعدة الأجهزة الحكومية على قياس الأداء والنتائج المتحققة فعلاً من وضع الخطط والأولويات للتطوير ، حتى يمكن للأجهزة الحكومية الدفاع عن نفسها وإثبات فاعلية أداءها للمواطنين.
‌ج. التجربة السنغافورية: وتميزت بإنشاء فرق لتحسين وتطوير جودة الخدمات ، والميكنة الآلية للعمليات والإجراءات الإدارية من خلال استخدام الحاسب ، مما ساهم في تحسين جودة وسرعة الخدمات وسهولة متابعتها ومراقبتها ، كما تم تبني برنامجاً تدريبيا للموظفين من أجل زيادة مهاراتهم الضرورية للتعامل مع الميكنة الآلية للإجراءات ، وتزويد موظفي الخطوط الأمامية ( الكاونترات) بالمهارات السلوكية اللازمة للتعامل مع المواطنين للاستحواذ على رضاهم ، كما تم إنشاء وحدة متخصصة معنية بتحسين نوعية وتطوير أداء الخدمات العامة ، والتي تولت عملية التقييم والمتابعة الدورية وتقديم الاقتراحات اللازمة للتحسين، مع التركيز على احتياجات العميل وحسن معاملته ، مع التشجيع على إيجاد بيئة محفزة على التغيير والتحديث المستمر واستخدام أدوات الإدارة الحديثة .
‌د. التجربة الماليزية: وقد ركزت استراتيجيتها لاصلاح القطاع الحكومي على النهوض بمستوى كفاءة اداء الخدمات وجودتها, وبدأ تنفيذ هذه الاستراتيجية في نوفمبر 1989م, وتبنت شعار ثقافة التميز واهمية عنصري الجودة والكفاءة في الاداء للخدمات, وفي عام 1991م كشف رئيس الوزراء عن خطته ورؤيته المستقبلية لعام ( 2020م ), والتي تم التركيز فيها على اصلاح نظام الخدمة المدنية, وحددت اربع مجالات لتحسين كفاءة الخدمة المدنية والتي ركزت على تحسين الانتاجية والنوعية للخدمات, وتنفيذ عدد من الاجراءات الخاصة بتحسين الخدمات للعمال, مع اصلاح الانظمة التشريعية وتقديم الخدمات عن بعد, واستخدمت برامج التميز في القيادة بالقدوة وتبني اخلاقيات العمل المستمدة من الشريعة الاسلامية, مع زيادة وتفعيل انظمة الرقابة والمساءلة والمحاسبة والانضباط والشفافية في اداء الخدمات الحكومية من خلال جهاز الادارة العامة لشكوى المواطنين.
‌ه. تجربة دولة الامارات العربية المتحدة: وتميزت بتبني الدولة استراتيجية للنهوض بجودة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين, وذلك بالتركيز على تحديث نظام الخدمة المدنية واعداد برامج تدريب لقيادات الصف الثاني, وانشاء وحدة للتخطيط الاستراتيجي بكل وزارة لكي تكون مسئولة عن تطبيق برامج محددة ومتوافقة مع الاهداف الاستراتيجية للدوله وكذلك انشاء هيئة متخصصة لتطوير الخدمات الحكومية وتطبيق مفهوم الحكومة الالكترونية, واطلاق برنامج لإعادة هندسة الاجراءات وتبسيطها والغاء الازدواجية والاجراءات غير الضرورية منها, وانشاء نافذة موحدة ومجمعة للخدمات, وتدريب الموظفين واطلاق حملات توعية للمواطنين على اهمية استخدام تقنية المعلومات للحصول على الخدمات عن بعد, وقد سميت هذه الاستراتيجية باسم ( استراتيجية التمكين) والتي تهدف إلى تمكين القطاع الحكومي من مواكبة التطورات الدولية من خلال استخدام الاساليب الادارية الحديثة لتقديم خدمات متميزة لتحقيق رضا وتطلعات المواطنين, كذلك نفذت الدولة برنامج اطلق عليه ( برنامج دبي للاداء الاداري المتميز ) والذي استهدف تحسين المستوى المؤسسي والفردي إلى درجة التميز مع الاستناد لمعايير موضوعية لقياس التميز في المؤسسة او الفرد او الخدمة, وفي سبيل رصد اسلوب تعامل الدوائر الحكومية مع المواطنين استخدم اسلوب ( المتسوق السري) ونظام متكامل لتسجيل ومتابعة شكاوى المواطنين وذلك من اجل تمكين القطاع الحكومي من تطوير وتحسين مستويات الاداء للخدمات للمواطنين والحصول على رضاهم.

وفيما يلي عرضاً موجزاً لأهم الدروس المستفادة من تجارب تلك الدول وإمكانات الاستفادة منها وتطويعها بما يلائم البيئة المحلية, وذلك كما يلي:
o تبسيط الإجراءات وتفويض الصلاحيات للموظفين ، التركيز على المخرجات للخدمة بدلاً من المدخلات وعلى النوعية وليس الكمية ، تطبيق أنظمة موضوعية ومعايير كمية للحكم على مستوى أداء الخدمات ، حتى يمكن تحديد المسئوليات والمساءلة والمحاسبة ، تطبيق اساليب الثواب والعقاب على الموظفين ، استخدام التقنية في تقديم الخدمات ، إسناد بعض الخدمات لجهات غير حكومية ، تدريب الموظفين الإداريين والتنفيذيين المتعاملين مع الجمهور ، تبني ثقافة عامة للمجتمع تستهدف تنمية ثقافة النقد البناء والتطوير والتقييم المستمر لأداء تلك الخدمات ، وإنشاء هيئة متخصصة لتطوير أداء الخدمات الحكومية ، وأجهزة رقابة خارجية على الجهات الحكومية ، وتدعيم البحث العلمي في مجال تطوير وهندسة إجراءات تقديم الخدمات .
نتائج الدراسة الميدانية:
وقد أسفرت عن النتائج التالية:
1. وجود تعارض في أراء فئات مجتمع الدراسة فيما يتعلق بدرجة الرضا العام عن أداء الخدمات بالأجهزة الحكومية, حيث أشار معظم رجال الأعمال لعدم رضاهم عنها, في حين أشار معظم المسئولين الحكوميين إلى رضاهم عنها, وهي نتيجة قد تبدو منطقية وتعكس حالة من التحيز لكل فئة تجاه مصلحتها, إلا أنها في الوقت نفسه تشير إلى وجود فجوة بين مقدمي الخدمة ومتلقي الخدمة وإلى وجود مشكله تحتاج للعلاج, وان رضا غالبية المسئولين والتنفيذيين الحكوميين عن أداء أجهزتهم الخدمية يمثل عائقاً كبيراً أمام تحسين الأداء.
2. أما فيما يتعلق بتقييم مجتمع الدراسة لمستوى جودة الخدمات التي تقدمها الأجهزة الحكومية فقد أجمع كل من رجال الأعمال والمسئولون الحكوميون والمراجعون معاً على وجود تحسن نسبي في عناصر الجودة المادية للخدمة ويقصد بها (مكان الخدمة وتجهيزاته من حيث سعته لاستقبال المراجعين وتوفر مقاعد لهم فضلاً عن تكييف المكان ووجود مواقف كافية للسيارات وغيرها), إلا أن رجال الأعمال يرون في الوقت نفسه وجود ظواهر سلبية مثل الواسطة وطول زمن إجراءات الخدمة وتعددها بدون داع, وعدم توفر كتيبات إرشادية لإجراءات الخدمات المختلفة وأنواعها, بالإضافة إلى عدم استقصاء الجهات الحكومية لاراء المستفيدين من الخدمة أو بحث شكواهم، وصعوبة الحصول على المعلومات اللازمة لهم من الأجهزة الحكومية.
ومن زاوية أخرى يقر غالبية المسئولين الحكوميين بغياب استخدام معايير لقياس كفاءة أداء الخدمة, وعدم استقصاء آراء المستفيدين من الخدمة, وتشير تلك النتيجة إلى غياب عنصرين من أهم العناصر اللازمة لتحسين كفاءة أداء الخدمات بالأجهزة الحكومية وتطويرها وبالتالي غياب أساليب الرقابة والمتابعة للأداء وصعوبة التمييز بين الموظف المتميز والموظف المقصر وانعدام إمكانية المساءلة ومحاسبة المقصرين في أداء الخدمة.
3. وفيما يتعلق بتقييم مجتمع الأعمال والمراجعين ( المستفيدين ) لمستويات اداء الخدمات في الاجهزة الحكومية المختلفة, فقد تم استخدام مقاس ليكرت المعروف على صورته الخماسية لاغراض ترتيب مستويات الأداء, كما استخدم الرقم القياسي لرضا المستفيدين عن الخدمات وذلك لأغراض توحيد أساس المقارنة وتحديد النسب الواجب على كل جهة او ادارة حكومية مقدمة للخدمات ان تحسن من مستواها في أداء الخدمات، وقد اسفرت نتائج تقييم وتصنيف مستويات الاداء للخدمات الحكومية المختلفة والبالغ عددها ( 38 )خدمة عن النتائج التالية:
المجموعة الأولى:
وتشمل مجموعة الخدمات التي حصلت على مستوى أداء ممتاز ويقع رقمها القياسي ( 90% فاكثر) وذلك طبقاً لمرئيات المستفيدين ، هذا ولم تقع أية خدمة من الخدمات الحكومية المذكورة بعينة الدراسة تحت هذه المجموعة.

المجموعة الثانية:
وتشمل الخدمات الحكومية الحاصلة على مستوى أداء جيد جداً ( من 80% - اقل من 90%) وضمت هذه المجموعة عدد ( 2 ) خدمة حكومية وهي خدمة الجوازات وكتابة العدل علي التوالي، وتمثلان معاً نسبة 5.26% من جملة عينة الدراسة, كما شملت عدد ( 2 ) خدمة من الخدمات التي تم تخصيصها وهي كل من خدمة الهاتف والكهرباء على التوالي وتمثلان معاً نسبة 5.26% من جملة عينة الدراسة, أي ان جملة عدد الخدمات الحاصلة على تقدير جيد جداً بلغ اربع خدمات وتمثل 10.52% من جملة عينة الدراسة.
المجموعة الثالثة:
وتشمل الخدمات الحكومية الحاصلة على مستوى اداء جيد ويقع رقمها القياسي ( من 70% لاقل من 80% ) وضمت هذه المجموعة عدد ( 17 ) خدمة حكومية وتمثل حوالي 44.73% من عينة الدراسة, وهي مرتبه تنازلياً على النحو التالي: ادارة التأمينات ( بوزارة العمل), الاحوال المدنية, ديوان المظالم, ادارة التصاديق ( بوزارة الخارجية), ادارة الدراسات ( الهيئة العامة للاستثمار ), الزكاة والدخل, تأشيرات الزيارة ( وزارة الخارجية), المرور, خدمة التراخيص ( المؤسسة العامة للتعليم الفني), ادارة التسهيلات ( الهيئة العامة للاستثمار), ادارة التراخيص( الهيئة العامة للاستثمار, الجمارك, ادارة التدريب ( المؤسسة العامة للتعليم الفني), المشتريات الحكومية, ادارة التراخيص الصحية, المناقصات الحكومية, المديريات الصحية.
المجموعة الرابعة:
وتشمل الخدمات الحاصلة على مستوى اداء مقبول ويقع رقمها القياسي بين ( 60% لاقل من 70%) وضمت هذه المجموعة عدد ( 9) خدمات حكومية وتمثل حوالي 23.68% من عينة الدراسة. وهي مرتبة تنازلياً على النحو التالي: خدمات النظافة ( وزارة الشئون البلدية), خدمات المرافق ( وزارة الشئون البلدية), خدمات المياه, ادارة التراخيص الصناعية والتجارية, خدمات الصيانة ( وزارة الشئون البلدية)إدارة القضايا العمالية ( وزارة العمل ) ، إدارة التراخيص ( وزارة الشئون البلدية) , ادارة السجل التجاري, خدمة البيانات والمعلومات ( مصلحة الاحصاءات العامة),.
المجموعة الخامسة:
وتشمل الخدمات الحاصلة على تقدير ضعيف ويقع رقمها القياسي بين ( 50% لاقل من 60% ) وضمت هذه المجموعة عدد ( 7) خدمات حكومية وتمثل حوالي 18.42% من عينة الدراسة, وهي مرتبة تنازلياً على النحو التالي: ادارة المحاكم, ادارة الدفاع المدني, ادارة المراقبة ( وزارة الشئون البلدية والقروية )، إدارة القضايا العمالية (وزارة العمل )، ادارة التراخيص ( وزراة الشئون البلدية والقروية), الحقوق المدنية, المستشفيات ( وزارة الصحة), الصرف الصحي, الاستقدام.
المجموعة السادسة:
وتشمل الخدمات الحاصلة على تقدير ضعيف جداً ويقع رقمها القياسي ( 50% فأقل ) وشملت خدمة واحده فقط وهي خدمة حماية المستهلك وتمثل حوالي 2.63% من عينة الدراسة.







ومن النتائج السابقة تبين مايلي:
أ‌- ان نسبة الخدمات الحكومية الحاصلة على تقدير جيدجداً ( الجوازات, كتابة العدل) تعتبر ضئيلة نسبياً وتمثل فقط 5.26% من جملة عينة الدراسة.
ب‌- ان حصول خدمتي الهاتف والكهرباء على تقدير جيدجداً, ووقوعها بالمجموعة الاولى, إنما يشير إلى الاثر الواضح لعملية خصخصة الخدمات التي تمت على ارض الواقع, ودورها في التحسين والارتقاء بمستويات كفاءة اداء الخدمات من ناحية, فضلاً عن دورها في زيادة مستويات رضا المستفيدين عن اداء الخدمتين.
ت‌- على الرغم من كون خدمتي الجوازات وكتابة العدل تمثلان المستوى القياسي الراهن وبمستوى رضا للمستفيدين قدرة 80%, بمعنى وجود فئة قدرها 20% غير راضية عن مستويات الاداء, وان هذا المستوى يمثل المستوى المستهدف لكافة الادارات المقدمة للخدمات فى الاجهزة الحكومية الاخري لكي تسعى للوصول اليه, الا انه يمكن القول بان المملكة بوضعها الراهن وفي ظل توفر الامكانات المالية اللازمة لتطوير اداء الخدمات, يفترض الا تقبل مستوى رضا للمستفيدين اقل من 90% , بمعنى الاكتفاء بوجود نسبة قدرها 10% فقط او اقل من غير الراضيين عن مستوى اداء الخدمات, وهي تعد نسبة مقبوله بالمعدلات الدولية المتعارف عليها.
ث‌- وفي ضوء إعتماد الفرضية السابقة, فإنة يمكن تحديد الاهداف المستهدفة لتطوير مستويات اداء الخدمات في الاجهزة الحكومية المختلفة، وفي ظل غياب التقدير ممتاز كمستوى نسعى إليه يمكن المقارنة مع المجموعات المختلفة كما يلي:
ففي المجموعة الثانية يجب ان تستهدف خططها التنفيذية لتحسين مستوى الاداء رفعة بمقدار 10% عن المستوى الراهن, اما في المجموعة الثالثة فيجب الارتقاء بمستويات ادائها بمقدار 20% وهكذا للمجموعة الرابعة, والخامسة والسادسة تحتاج للارتقاء بمستويات ادائها بمقدار 30%, 40%, 50%, على التوالي.
ج‌- واستناداً لما سبق يمكن القول بأن هناك حاجة ماسة لتحسين كفاءة الأداء لجميع الخدمات بالاجهزة الحكومية المختلفة, وان كان ذلك بدرجات متفاوته حسب ترتيب كل خدمة في المجموعات السابقة, وان اولويات التطوير يجب ان تستهدف الارتقاء بمستوى اداء المجموعة السادسة أولاً ثم الخامسة ثم الرابعة ثم الثالثة ثم الثانية على التوالي للوصول إلى درجة التميز التي تلبي طموحات المستفيدين.





4. أما بالنسبة للمعوقات التي تحد من تحسين كفاءة الأداء للخدمات في الأجهزة الحكومية فقد حددها المسئولون الحكوميون في مجموعة من العوامل والتي من أهمها: عدم التزام بعض المراجعين بالتعليمات والإجراءات, عدم الربط بين الثواب والعقاب و مستويات الأداء, تعدد إجراءات الخدمة الواحدة بين أكثر من جهاز (مع اقرارهم بان هناك امكانية لتقليل عدد الاجراءات وزمن اداء الخدمة), تقادم لوائح نظام الخدمة المدنية, عدم منح الأجهزة الحكومية المرونة الكافية للتصرف فيما توفرة من ميزانياتها واموالها لتحديث خدماتها وتطويرها, التركيز في الإنفاق على المدخلات فقط وغياب التركيز على المخرجات, وعدم وجود اهداف محددة للجهاز الاداري او مستويات قياسية لمقارنة الاداء على اساسها, طول فترة بقاء القيادات الإدارية في مناصبها ووجود المركزية الشديدة, وزيادة اعدد الموظفين دون الحاجة اليهم, غياب استخدام معايير ومؤشرات كمية وموضوعية لقياس كفاءة أداء الخدمة, وحاجة كل إدارة إلى استخدام معايير ومؤشرات مناسبة لها حسب طبيعة ونوعية الخدمة المقدمة.
5. وفيما يتعلق بأساليب رفع كفاءة أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية, أجمع كل من المسئولين الحكوميين ورجال الأعمال والمراجعين على ضرورة الأخذ بمجموعة من الأساليب التي من أهمها تبني ترسيخ ثقافة عامة بالأجهزة الحكومية تركز على احتياجات المستفيدين من الخدمة وتحفيز الجميع على التجديد والتطوير المستمر للخدمات والعمل الجماعي والإدارة بالمشاركة, وتطبيق أساليب الثواب والعقاب على الموظفين الحكوميين, وأهمية التدريب في رفع كفاءة الموظفين التنفيذيين والمتعاملين مباشرة مع الجمهور وأهمية عملية تدوير القيادات على المواقع الإدارية المختلفة لفترات محدده في تحسين كفاءة أداء الخدمات، والإسراع بإدخال تقنية المعلومات وتوفير المعلومات اللازمه لرجال الأعمال على موقع الوزارة أو الإدارة المختصة, وكذلك الإسراع بإدخال أساليب الإدارة الإلكترونية في تقديم الخدمات للجمهور للتيسير عليهم من ناحية وأيضا لتفعيل أساليب الرقابة والمتابعة والمساءلة من ناحية أخرى.

هذا وقد اقترحت الدراسة عددا من التوصيات مصحوبة بالآليات التنفيذية وجهات التنفيذ ذات العلاقة, وتجدر الإشارة إلى أنه سوف يتم بمشيئة الله نشر التوصيات لجميع دراسات المنتدى في كتيب مستقل وذلك بعد مناقشتها في الجلسات المخصصة للدراسات ضمن فعاليات الدورة الثالثة للمنتدى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق