التدريب..متى يصبح ضرورة؟

إعداد: هلا أبوخربق
لقد أولت دول الخليج عموماً ودولة الإمارات خصوصاً أهمية كبيرة لكوادرها البشرية، وذلك من خلال تعزيز ودعم إنتاجية الموظفين والعمل على تزويدهم بالمهارات التي تحسن من أدائهم وتجعلهم مواكبين لتطورات العصر السريعة، وهذه العملية تتطلب المزيد من المتابعة والاهتمام من قبل المختصين الذين تقع عليهم مسؤولية تدريب تلك الكوادر وتوجيهها بالشكل الأمثل الذي يخدم مصالح مؤسساتهم ويدفعها نحو المنافسة القوية التي تقودهم إلى اقتصاد قوي، وبذلك هل يستطيع قسم التدريب والتطوير أن يواجه تلك التحديات التي تفرضها المتغيرات؟ لقد توجهت مجلة smart ideas إلى مديري التطوير والتدريب في مؤسسات مختلفة وحاورتهم حول أهمية هذا القسم، وهل يعتبر من الأقسام الرئيسة أم هو قسم ثانوي؟ وما هي البرامج والدورات التي يقدمها للموظف؟ وكيف تتم المتابعة حتى يتم التأكد من تلك البرامج التي تخدم الهدف العام للمؤسسة؟ وهل الاستفادة التي يجنيها الموظف من الدورات التي تقدمها أقسام التطوير تعادل المبالغ التي تنفقها المؤسسات لأقسام التطوير والتدريب؟للتدريب مكانة مميزة في المؤسسة..يقول د. محمد أحمد بوقفل مدير التطوير المهني في مؤسسة الإمارات العامة للبترول:" إن استراتيجية التدريب في المؤسسة هي تطوير موظفي المؤسسة بالمعرفة والمهارات الضرورية لنجـــاح المؤسسة في أداء خدمة متميزة لزبائنها، ومن هذا المنطلق الاهتمام بتدريب وإعداد الموظفين يحتــل مكــانة مهمة في المؤسسة، لأن الموظف يساهم في تحقيق أهداف المؤسسة، لذا أولــت المؤسسة عنــاية خاصة بتطوير مهارات الموظف من أجـــل تحقيق النمو المهني، فقد بذلت المؤسسة على مدى السنوات السابقة جهوداُ مكثفة في تدريب وإعداد الموظفين من خلال التدريب داخــل الدولة وخارجها، والتدريب من خلال الانتداب المؤسسي والتدريب في موقع العمل بالإضافة إلى التدريب التعريفي وتخطيط المسار الوظيفي الذي يتركز على الموظفين المواطنين."وحول تصميم برامج التدريب يضيف:" يتم التأكد من البرامج التدريبية التي تدعم أهداف المؤسسة، وذلك من خلال تحديد الاحتياجات التدريبية التي تهدف إلى معرفة الجوانب التي يحتاجها الموظف للتطوير، ووضع الأولويات قبل اختيار الموظف للبرنــامج، فعدم معرفة الاحتياجات التدريبية تؤدي إلى ضياع المال والجهد المبذولين، ونحن نتتبع رؤساء الموظفين من خلال مقابلاتهم التي تُمكن من اكتشاف نقاط الضعف التي يمكن علاجها بالتدريب، ونحن نأخذ عدة اعتبارات بالنسبة لاختيار المتدرب من خلال مراجعة السيرة الذاتية والمواد التدريبية (المحتوى) ووسائل التدريب، كما نهتم بأســاليب التدريب العملي، منها: دراسة الحـالات وتمثيل الأدوار، مراعاة اختيار مكان التدريب الذي يجب أن يكون مناسباً للمتدربين، وسهولة الوصول إليه مع توفير قاعات المناقشة وتحديد فترة تنفيذ البرنامج في الوقت المخصص.
"المحتوى التدريبي الأنسب..أما عن تقييم التدريب والمتدربين فيقول:" يتم توزيع استمارات تقييم للمتدربين في نهاية البرنامج لقياس مدى إلمام المتدربين بالمــادة العلمية وطرق ووسائل التدريب المستخدمة ومدة البرنامج ومدى تحقيق البرنامج أهدافه والاستفادة منه، حيث يتم جمع الاستمارات وتحليل البيانات لمراجعة الجوانب الإيجابية وإيجــاد الحلول للجوانب السلبية لتلافيها مستقبلاً ، وتعرض النتائج بشكل دوري للقيادات الإدارية في المؤسسة، بالإضافة إلى ذلك، يقوم أحد موظفي قسم التدريب بالزيارات الميدانية خلال تنفيذ البرنــامج والاستماع لآراء المتدربين حول البرنامج وذلك للتــأكد من سير البرنامج وتفادي الفشـــل، كما يتم تقييم مدى تعلم الموظف من البرنامج التدريبي من خلال مساهمته في الحلقات الدراسية وورش العمل خلال البرنــامج، ويبقى التدريب حلاً مميزاً ولكن لا لكل ما يشكل على الموظفين أداؤه، فيجب علينــا التمييز بين وجود البرامج التدريبية ومدى فاعليتها في تطوير أداء الموظف."التدريب.. في المقدمةوعما تقدمه برامج التطوير والتدريب للمؤسسات، تقول الأستاذة حنين أبو بكر مديرة التدريب والتطوير في دائرة السياحة بدبي: "في الواقع إن التطورات الهائلة في مجالات الإدارة التي رافقت التكنولوجيا الحديثة والتحولات التي تشهدها العلوم الإنسانية في مجالات علوم الاقتصاد والإدارة والموارد البشرية، وضعت التدريب في مقدمة الوسائل المؤدية إلى الحصول على الوظيفة والترقية وملاحقة المستجدات في ثورة المعلومات التي باتت تشدد على أهمية التدريب كخيار استراتيجي في تنمية الموارد البشرية، وأكدت أن أقسام التدريب والتطوير من الأقسام الرئيسة، فلقد أصبح من المسلمات المطروحة أمام مؤسسات القطاع العام والخاص في كافة المجالات المختلفة أن التدريب عنصرٌ فاعل في منظومة الارتقاء بالأداء الإداري والجودة بالمنتج سواء على صعيد إنتاج السلع أو إنتاج الخدمات."أما عن الطريقة التي يتم بها التأكد من أن برامج التدريب تدعم الأهداف الكلية للمؤسسة قالت:
"بعد أن يتم تحديد وتوضيح الأهداف التدريبية لكل دورة تدريبية متصلة بسياسة الدائرة ورؤيتها وأهدافها، فمن الضروري تصميم المحتوى التدريبي وهي خطوة مهمة جداً في ترجمة أهداف التدريب إلى برنامج تعليم فعلي، يتم اختبار الأسلوب التدريبي الذي يتناسب مع طبيعة كل موضوع تدريبي وعدد المتدربين ومستواهم ووقت التدريب، والمحتوى التدريبي الفعال هو الذي يتميز باحتوائه على مجموعة من أساليب التدريب لتحقيق الهدف."تقييم مستمربينما أشارت إلى أنه يتم تقييم كل مرحلة من برامج التدريب للتأكد من أنها تسهم تماماً في نجاح البرنامج كله وتسهم في تحقيق الغاية المنشودة ويتم ذلك عبر التقييم أثناء النشاط التدريبي لتحديد ما إذا كان البرنامج التدريبي يسير في الاتجاه الصحيح من خلال مجموعات التقييم اليومية والتي تعتمد في ذلك عدة أساليب، منها الملاحظة والاستبيان ومؤشر الانطباع اليومي ولوحة التعليقات والمقابلات الفردية، أما من يقوم بمهمة تحليل التغييرات التي طرأت على المتدربين بعد خضوعهم للدورات فيتولاها قسم التدريب بعد الانتهاء من النشاط التدريبي، فتتم متابعة أداء المتدرب ومعرفة التحسن في الأداء وقياس أثر النشاط التدريبي على مستوى العمل الميداني، وهناك استمارة للمساعدة في عملية المتابعة لأداء المتدرب ومعرفة الاحتياجات المستقبلية، ومن خلال هذه النتائج نتعرف إلى بعض نقاط الضعف سواء في المتدرب أو في الدورة، وتوضع ضمن الاحتياجات التدريبية المستقبلية."كما تعتبر الأستاذة حنين أن الاستفادة التي يجنيها الموظف من تلك الدورات التدريبية تضاهي المبالغ التي تصرفها المؤسسة لأجل ذلك، فبطبيعة الحال كلما كانت أجهزة التدريب والتنمية متطورة وتتعامل مع الجديد بكفاءة عالية أدت إلى قيام الموظفين بأعمالهم بكفاءة أعلى وفاعلية أكبر ومن ثم تقلص التكاليف الخفية التي تشمل شكوى العملاء وقيمة تصحيح الأخطاء.مقاييس معيارية..علي راشد النقبي رئيس وحدة التدريب في معهد دبي للمواصلات يؤيد حنين ويقول:" تعتبر برامج التطوير والتدريب للمؤسسات من الأقسام المهمة لمركز التدريب، الذي يتم من خلاله تدريب الموظف والسائق على أساسيات العمل في المؤسسة وعلى كيفية الوقاية من المخاطر المهنية كل ضمن اختصاصه، وإرشادهم إلى قواعد الصحة والسلامة المهنية والبيئية، ويتم تقييم كل مرحلة من مراحل التدريب بعدة نقاط من أهمها السلوك، أي إعداد مقاييس معيارية تتضمن اختبارات الأداء وذلك لاستخدامها في التقييم والوقاية لجودة نظم التدريب والتطوير، والمرحلة الثانية هي الظروف بمعنى الأهداف السلوكية للنظام والإرشادات لإعداد المقاييس على فئة من المتدربين، وأخيرا المعيار الذي يعني إعداد الاختبارات طبقا لنوعية الدورة التدريبية والتطوير." أما عن أولوية التدريب لأفراد بأعينهم فقال:" إن الذين يخضعون لتلك الدورات هم السائقون والموظفون والأولوية تأتي للموظفين بالطبع، فمن خلال خبرتي في مجال التدريب أجد الموظف هو واجهة المؤسسة أو بالمعنى الأصح ممثلها في الخارج فهو القدوة الذي يحتذي به، أما السائقين فمعهد التدريب يقوم هنا بمهمة تحليل التأثيرات من خلال متابعة المتدرب مدة زمنية لا تقل عن ثلاثة أشهر للتعرف إلى مدى جودة التدريب وإعداد دراسة مستقبلية لتجديد البرامج التدريبية بحسب الظروف المحيطة، ومن خلال التواصل مع معاهد ومراكز دولية للتعرف إلى ما هو جديد، ورئيس وحدة التدريب هو من يقوم بمهمة تحليل التأثيرات التي طرأت على المتدربين بعد خضوعهم للدورات، بأن يعقد في نهاية كل دورة رئيس وحدة التدريب اجتماعاً مع المتدربين للتعرف إلى مستوى التدريب لمعرفة آرائهم في المدرب ومدى الاستفادة من الوسائل التعليمية وتقبل مقترحات المتدرب ودراستها."ويقول علي النقبي إن عائد الفائدة من دورات التدريب يفوق المبالغ المدفوعة من قبل المؤسسة.منهجيات لابد منها..وكما يقول د. منير الخطيب الخبير في التدريب والتطوير:" إن ما تقدمه برامج التدريب والتطوير في المؤسسات يعتمد على عاملين، أولاً: رؤية ومنهجية وطرق عمل الأقسام المذكورة بالاعتماد على طرق ومنهجيات عمل أقسام التدريب والتطوير الموجودة، وبهذا يمكننا التحدث عن المنهجيات التالية:
 التدريب لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة (أقل من 20% من أقسام التدريب تعمل بهذه الطريقة) من خلال فهم استراتيجية المؤسسة وأهدافها المستقبلية، ومن ثم تحديد الخصائص التي يجب أن تتوفر في الموظف للوصول إلى تحقيق الاستراتيجية من خلال العمل على اكتساب الموظفين لهذه الخصائص. العمل على ردم الهوة بين مؤهلات الموظف ومتطلبات العمل للتمكن من تنفيذ أو تحسين العمل أو رفع كفاءة وإنتاجية الموظف ( 80% من أقسام التدريب تعمل بهذه الطريقة). العمل بدون أي منهجية أو خطة : أي ترشيح اعتباطي أو حسب طلب المرشحين حيث يرشح المتدربون أنفسهم للدورات حسب أهوائهم، أو أن يتم التعامل مع التدريب بالمفهوم الكمي و نظام المحاصصة( أي أن يكون عدد معين من الدورات لكل موظف) وليس النوعي أو حسب الحاجة.ثانيا: الصلاحيات الممنوحة لأقسام التدريب و التطوير، ويمكن النظر إليها من خلال عاملين: الدور الفعلي : هل هي جهة تنسيقية أو تنفيذية أم مقررة لسياسات و توجهات في مجال تخصصها؟ تحديد المشاركين: هل هناك معايير ومواصفات يتم الالتزام بها عند اختيار المشاركين أو أن الأسماء تفرض عليهم من جهات أخرى دون الالتزام بالمعايير؟لتحقيق الأهداف الكلية للمؤسسة..ويضيف د. منير حول ثانوية أو أساسية التدريب في المؤسسات:" يمكن تصنيف أقسام المؤسسة إلى قسمين حسب المهام التي تقوم بها كل مؤسسة، أولاً: مهام جوهرية تتحقق من خلال الأقسام المتخصصة التي تعمل على تحقيق هذه المهام الجوهرية، ثانياً مهام دعم ومساعدة تتحقق من خلال بقية الأقسام الموجودة في المؤسسة، والتي تعمل على تأمين المهام الخدمية والإدارية المساعدة التي لا بد من توفيرها لتمكين الأقسام الجوهرية من تنفيذ مهامها، أما قسم التدريب والتطوير فهو يعتبر قسماً رئيسياً ضمن الفئة الثانية ما لم تكن المؤسسة نفسها مؤسسة تعليمية أو من مؤسسات التدريب والتطوير، وإذا كان قسم التدريب يعتمد المنهجية الثالثة– المنهجية الإستراتيجية – فإنه بالتأكيد يعمل على تحقيق الأهداف الكلية للمؤسسة، لأنه لا بد وأن يكون في هذه الحالة قد أعد استراتيجيته الخاصة وخطته التدريبية التي قد تمتد إلى سنوات مستقبلية للتوافق مع أهداف المؤسسة الإستراتيجية، أما إذا كان قسم التدريب والتطوير يعتمد المنهجية الثانية – منهجية ردم الهوة – فإنه يعمل على تحقيق الأهداف التشغيلية للمؤسسة، لأنه في هذه الحالة يعتمد على البيانات الواردة عن المتطلبات التدريبية من الأقسام الجوهرية أولاً والمساعدة ثانياً في وضع خطته التدريبية السنوية."ولكن كيف يمكن تقييم كل مرحلة من برامج التدريب للتأكد من أنها تسهم تماماً في نجاح البرنامج كله وتسهم في تحقيق الغاية المنشودة؟ هذا ما أوضحه مضيفاً: " إن العملية التدريبية تتسم بالتكامل، وهذا يعني أن أي خلل في أي من عناصرها أو مراحلها ينعكس سلباً على كامل العملية التدريبية ومن ثم على نتائجها المباشرة، لهذا يتم النظر والتمعن في صحة وسلامة تخطيط وتنفيذ كل المراحل ومواءمة كل العناصر بما يتناسب مع أهداف المؤسسة الاستراتيجية والتشغيلية، حيث يتم اختيار المرشحين بالتنسيق ما بين الأقسام المعنية وقسم التدريب والتطوير تنفيذا لخطة موضوعة مسبقا أو تلبية لحاجة طارئة أو فرصة قائمة، أما بالنسبة للأولويات فتحدد حسب حاجة المؤسسة كلها ثم الأقسام الجوهرية، وتأتي بعد ذلك الأولوية على مستوى الأشخاص، وعادة ما تكون للموظفين من الخريجين الجدد الذين تنقصهم المهارات."بين الفائدة والنفقات..أما من يقوم بعملية تحليل التأثيرات التي طرأت على المتدربين بعد خضوعهم للدورات وكيف يتم استخدام هذه النتائج في تحسين برامج التدريب المستقبلية يقول: "عملية تحليل التدريب يجب أن تتم بالتعاون بين الأطراف الرئيسة الثلاثة، المدير المسؤول عن المتدرب وقسم التدريب والتطوير والمتدرب، أما بالنسبة لاستخدام النتائج في تحسين برامج التدريب مستقبلاً، فإننا نسعى دائما إلى الارتقاء بمستوى برامج التدريب من خلال خلق التجانس الأفضل بين جميع عناصر التدريب، ولتفادي الفشل في هذه الدورات على أقسام التدريب والتطوير –إذا كانت ذات هيكلة ومهام متوافقة مع توجهات المؤسسة– التأكد من تحقيق الأهداف العامة والخاصة لأي دورة وبطرق متعددة كتقييم المشارك للدورة، وتقييم الجهة التدريبية للمشارك وتقييم رئيسه له في العمل، والطلب منه تقديم أي اقتراحات بخصوص الدورة المعنية أو اقتراحات عامة، أما حال ثبوت فشل أو تدني مستوى أي دورة، فإننا نعمل على تتبع الأسباب التي أدت إلى الفشل سواء كانت ذاتية (من المشارك) أو موضوعية (من الجهة التدريبية: المحاضر أو الإدارة)، ونعمل على إزالتها أو تجاوزها في المستقبل من خلال التفاعل مع كافة المتعاملين المعنيين في العملية التدريبية، وبالنهاية إذا ما تم ترشيح الأشخاص المناسبين واختيار الدورات المناسبة والتعامل مع الجهات التدريبية المناسبة ضمن خطة تدريبية أعدت بالشكل الصحيح لتحقيق أهداف المؤسسة، فإن الفائدة التي يجنيها الموظف والمؤسسة لا تضاهي المبالغ المصروفة لأجل ذلك فقط، وإنما تتجاوزها أضعافاً في القيمة.المصدر ـ مجلة الأفكار الذكية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق