معوقات التدريب ذات العلاقة بالجهات الحكومية

المعوقات ذات العلاقة بالجهات الحكومية:
تواجه مراكز التدريب الأهلية في علاقتها مع الأجهزة الحكومية الكثير من العقبات التي تؤثر على أدائها والتي يمكن تلخيصها في التالي:
1. عدم إتاحة الفرصة للاستفادة من عقود التدريب الحكومية:
يوجد في معظم العقود الحكومية للمشاريع الكبيرة مع جهات خارجية بنود خاصة بالتدريب يصل بعضها لملايين الريالات، وتذهب تلك الملايين لشركات ومؤسسات تدريب أجنبية هي في الغالب من دولة الجهة التي تنفذ المشروع. ولذلك فإن إتاحة الفرصة لمؤسسات ومراكز التدريب الأهلية للاستفادة من هذه العقود وتقديم التدريب المطلوب سيؤدي إلى تعزيز قدرة المؤسسات الأهلية من الناحية المالية والفنية لتطوير أدائها وتقديم مخرجات متميزة لسوق العمل.
2. استعانة الجهات الحكومية بمراكز ومؤسسات تدريب خارجية:
يقوم عدد كبير من الأجهزة الحكومية بالاستعانة بعدد من مراكز التدريب الأهلية في بعض الدول العربية والأجنبية لتدريب موظفيهم، رغم أن بعض مراكز ومؤسسات التدريب الأهلية المحلية تفوق كثيراً إمكانيات تلك المراكز. وبالتالي فإن دعم مراكز ومؤسسات التدريب الأهلية يتطلب الاستعانة بمراكز التدريب الأهلية السعودية لتقوم بدورها في المساهمة بتأهيل وتطوير القوى العاملة ورفع قدراتها المهنية والفنية.
3. منافسة مؤسسات التدريب الحكومية:
تقوم مؤسسات التدريب الحكومية المدعومة من الدولة، والتي تتوافر فيها إمكانيات فنية ومادية ضخمة بمنافسة مؤسسات التدريب الأهلية والحصول على حصة كبيرة من سوق التدريب كان من المفروض أن تحصل عليها مراكز التدريب الأهلية. ورغم أن المنافسة ظاهرة صحية، إلا أن هذه المنافسة غير متكافئة، كما أن تلك المؤسسات الحكومية تحصل على عقود احتكارية كبيرة لا تتوافر لديها القدرة على تنفيذها بنفسها من خلال مدربيها، وبدلاً من أن تترك الفرصة لمؤسسات ومراكز التدريب الأهلية للحصول على جزء من هذه العقود فإنها تلجأ إلى مراكز تدريب عربية أو أجنبية خارج المملكة لمساعدتها في تقديم تلك البرامج، أو إلى مدربين أفراد من الجامعات والمؤسسات الأخرى، رغم أن إمكانيات بعض مراكز ومؤسسات التدريب الأهلية تفوق إمكانيات بعض المراكز الخارجية. ولذلك فإن من المهم جداً أن يعاد النظر في تحول تلك المراكز والمؤسسات الحكومية إلى متعهد برامج تدريبية يمنح عـقـود التدريب الداخلي لمؤسسـات عربية وأجنبية، ويحرم مراكز ومؤسسات التدريب الأهلية من تقديمها. وأن تقتصر تلك المؤسسات التدريبية على تقديم برامج في حدود إمكانيات مدربيها وفي المجالات التي أنشئت تلك المؤسسات لخدمتها، ذلك أن استمرار هذه المنافسة أدى إلى التأثير على قدرة مراكز ومؤسسات التدريب الأهلية على النمو والتوسع وتطوير إمكانياتها نتيجة للتالي:
‌أ- توافر دعم مالي من الدولة لمراكز ومؤسسات التدريب الحكومية لتطوير قدراتها الفنية والبشرية وهو الأمر الذي لا يتوافر لمؤسسات ومراكز التدريب الأهلية مما يحد من قدرتها على المنافسة.
‌ب- دفع مؤسسات التدريب الحكومية لرسوم تدريب ورواتب مرتفعة للمدربين الأمر الذي أدى إلى ارتفاع رسوم ورواتب المدربين وأثر على قدرة مراكز ومؤسسات التدريب الأهلية على استقطاب مدربين مؤهلين لتنفيذ برامجها لارتفاع التكاليف مقارنة بالرسوم التي تحصل عليها تلك المراكز لتقديم برامج للقطاع الأهلي.
‌ج- حصول مؤسسات التدريب الحكومية على عقود احتكارية سواء مباشرة بتكليف من الدولة أو بضغوط على مؤسسات القطاع الأهلي التي تتعامل مع الجهات المشرفة على مراكز ومؤسسات التدريب الحكومية؛ الأمر الذي اقتطع حصة كبيرة من سوق التدريب كان من المفروض أن تسند لمؤسسات ومراكز التدريب الأهلية وحرمها من التوسع وتطوير إمكانياتها.
4. غياب الرقابة على مؤسسات التدريب الخارجية و(تجار الشنطة):
رغم أن المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني تشترط حصول مراكز التدريب الأهلية على رخصة لكي تزاول عملية التدريب وتقوم بالتأكد من توافر شروط محددة للحصول على الرخصة إلى جانب متابعة تلك المراكز، وهو شيء جيد يضمن توافر الشروط التي تمكـن تلك المراكز والمؤسسات من القـيام بدورها وتقديم برامج متميزة .. إلا أن سوق التدريب في المملكـة يكتـظ بالعديد من مؤسسات التدريب الخارجية وبمن نود أن نطلق عليهم تعبير (تجار الشنطة) وهـم مدربون عـرب وأجـانب ليس لديهـم ترخيص بمزاولة التـدريب، ومع ذلك فهم يقدمون برامج لعدد من الشركات الأهلية والمؤسسات الحكومية، وبعض منهم كان يعمل في السابق موظفاً متعاقداً في إدارات التدريب في تلك الجهات؛ الأمر الذي قد يطرح علامة استفهام عن كيفية حصولهم على امتياز تنفيذ تلك البرامج رغم عدم حصولهم على ترخيص نظامي بذلك؛ ولذلك فإن هناك حاجة لتوافر الشفافية والنزاهة لدى جميع الجهات المسؤولة عن ترسية العقود الخاصة بالتدريب.
ولا شك أن هذه المنافسة غير العادلة تؤثر على قدرة مراكز التدريب الأهلية على المنافسة لأنها تتحمل كثيراً من المصاريف كالإيجارات والرواتب والزكاة والمصاريف الإدارية الأخرى. بينما تحصل مراكـز التدريب الخـارجية و(تاجر الشنطة) في الغالب على التذاكر والسكن ولا تتحمل أي مصاريف إدارية ولا تدفع أي ضرائب يلزم بها نظام الزكاة والدخل.
ولذلك فإن من المهم إيقاف ممارسات مراكز التدريب الخارجية وتجار الشنطة حـماية لمراكز ومؤسـسات التدريب الأهلية من هـذه المنافـسة غير العـادلة، أو إخضاعهم للمتطلبات نفسها المطلوبة من المراكز ومؤسسات التدريب الأهلية.
5. عدم وجود تصنيف لمراكز ومؤسسات التدريب الأهلية:
لا شك أن النمو السريع في أعداد مراكز ومؤسسات التدريب الأهلية، وتفاوت مستويات الجودة لدى كل منها، يتطلب وجود تصنيف لهذه المراكز يساعد المستفـيدين من خدماتها على تحديد مسـتوى تلك المراكز وقدراتها وإمكانياتها، كما أن التصنيف سيدفع تلك المراكز إلى تطوير إمكانياتها وتحسين أدائها للحصول على مركز متقدم في التصنيف.
وفي الوقت نفسه فإن غياب التصنيف أدى إلى وجود مراكز تدريب أهلية تقدم مستويات متدنية من التدريب مما حدا بالمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني إلى إغلاق العديد منها. ولقد أساءت مثل هذه المراكز إلى سمعة مراكز التدريب الأهلية وكونت انطباعاً لدى البعض بأن مستوى التدريب في جميع المراكز الأهلية هو بذات المستوى المتدني.
لذلك، فإن وجود تصنيف لمراكز التدريب الأهلية وتعزيز جهود المتابعة التي تقوم بها المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني للتأكد من التزام تلك المراكز بمتطلبات الجودة كفيل بتعزيز دور مراكز التدريب الأهلية وتحسين أدائها وخلق الثقة لدى المتعاملين معها.
6. الحاجة لتخفيف المركزية في الإشراف على مراكز التدريب الأهلية:
تعطي لوائح التدريب الأهلي والتعاميم التي تصدر من المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني دوراً تنفيذياً للإدارة العامة للتدريب الأهلي في المؤسسة في مسائل إجرائية كثيرة خاصة بمراكز ومؤسسات التدريب الأهلي؛ مما يؤثر على قدرة تلك المراكز على تنفيذ برامجها والتزاماتها التدريبية في الوقت المناسب، وفي الوقت نفسه فإن ذلك يلقي على المؤسسة أعباء روتينية كبيرة بدلاً من تركيزها على دورها الأساسي في الإشراف والمتابعة. ولذلك فمن الضروري أن تقوم المؤسسة بإعادة النظر في أسلوب تعاملها مع مراكز ومؤسسات التدريب الأهلية، وتوفر الجهد والوقت بالقضاء على الإجراءات الروتينية التي تفرضها على مراكز التدريب الأهلية، والتركيز على دورها الأساسي في الإشراف والمتابعة العامة على هذه المراكز.
ولقد أدركت الإدارة العامة للتدريب الأهلي في المؤسسة أنها تهدر الكثير من الجهود في القيام بأمور تنفيذية هي من صميم عمل معاهد ومراكز التدريب الأهلية وأشارت في موجز تقرير أدائها لعامي 1423/1424هـ عن اتجاهها إلى "منح المزيد من الثقة للمعاهد والمراكز لتولي الجوانب التنفيذية من العملية التدريبية وتفرغ الإدارة لعملية الإشراف والمتابعة".


7. الحاجة للدعم المالي:
تحتاج مراكز ومؤسسات التدريب الأهلي إلى دعم مالي لتتمكن من تطوير منشآتها وإدخال الأساليب الحديثة لنشاطاتها، وهو ما أدركته الدولة عند إنشائها لصندوق تنمية الموارد البشرية، إذ نصت المادة الخامسة من نظام الصندوق الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 107 وتاريخ 19/4/1421هـ على: "تقديم قروض لمنشآت تأهيل وتدريب القوى العاملة الوطنية الخاصة التي تؤسس في المملكة والمنشآت القائمة بغرض توسع نشاطها أو لإدخال الأساليب الحديثة عليها".
ورغم مرور ما يزيد على ست سنوات على صدور هذا القرار، ورغم الموارد الكبيرة لصندوق تنمية الموارد البشرية إلا أن الصندوق لم يفعِّـل هذا الجانب الهام من مهامه رغم حاجة مؤسسات ومراكز التدريب الأهلية لمثل هذه القروض لتتمكن من تحمل مسؤولياتها وتوسيع نشاطها في مجال التدريب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق