القطاع الحكومي: هل يمكن الإصلاح؟

مقاله رائعة للدكتور عبد العزيز الخضيري
دخل المكتب يحمل هموم الدنيا والآخرة أو هكذا بدأ أو أبدى حاله وتوجه بسؤال مباشر وصريح، هل يمكن الإصلاح في القطاع الحكومي؟ خصوصاً أنه وصل إلى مرحلة من الترهل والبيروقراطية والفساد وضعف الإنتاج وقلة الدخل للعامل فيه.
هذا السؤال المختصر والمباشر يحمل العديد من التحديات الحقيقية للإجابة عنه ولكن بجواب مباشر وصادق كان كالتالي:
ــ هل أنت صالح؟ هذا السؤال وُجه لصاحب السؤال الكبير فكانت إجابته بنعم.
ــ هل تستطيع أن تضمن صلاح أسرتك الصغيرة وتبذل الجهد الحقيقي والصادق في جعلها أسرة صالحة فكانت الإجابة بنعم.
ــ هل يمكن إصلاح الإدارة المتوسطة أو الصغيرة التي تديرها أو تشرف عليها وتضمن من خلالها وجود جيل يؤمن بأهمية العمل وثقافته ووجوب الالتزام بساعات العمل والإنجاز والتطوير فيه فكانت الإجابة بنعم.
إذاً أخي السائل تضمن بعد توفيق الله ـ سبحانه وتعالى ـ أنك مواطن صالح منتج تعيش ضمن أسرة صغيرة صالحة وتعمل ضمن إدارة تضمن صلاحها وحسن إنتاجها، هذه الإجابات الثلاث بنعم كفيلة بإصلاح أي مجتمع وأي مؤسسة حكومية أو خاصة مهما كبرت أو صغرت.
عيبنا أننا ننسى قدراتنا وإمكاناتنا التي نستطيع أن نعملها من أجل الإصلاح ونرمي مشاكلنا وعدم قدرتنا على الإصلاح على الآخر، هذا الآخر غير المعروف أو المحدد وعندما يضيق الخناق على أحدنا بالسؤال من هذا الآخر الذي تشير إليه بالفساد والضعف وعدم القدرة على الإصلاح تجد إجابات غريبة عجيبة حتى أن المشتكي يحار في تحديد الآخر وإيجاد الإجابة الصحيحة الصادقة.
كل واحد منا مهما صغرت أو كبرت مسؤوليته يستطيع أن يصلح في محيطه الصغير أو الكبير متى ما كانت الإرادة موجودة لديه ومحاطا ببطانة صالحة تسعى للصالح العام وليس لمصالحها الشخصية فقط على قاعدة "أنا ومن بعدي الطوفان"، وليس حقيقة أن الأنظمة الحكومية بمطلقها تقيد القدرة على التطوير والإصلاح واستقطاب الكفاءات المتميزة والتخلص من الأشخاص السيئين، هذه القدرة الموجودة في أنظمتنا أضعفتها لأسباب عديدة منها مثلاً عدم رغبة البعض في تطبيقها بالشكل الصحيح وعدم قدرة البعض الآخر على تطويرها وفقاً لمعطيات العصر ومتطلبات الحاضر والمستقبل، إن نظرة متأنية لنظامنا الإداري وتطبيق الأنظمة وروحها المحفزة على العمل والإنتاجية وتقدير جهود المنتج ومساعدته بكل الوسائل الممكنة ولكن لأننا ننظر ونقيم العمل الحكومي وأنظمته من خلال النظرة التشاؤمية للبعض أو لوجود كفاءات غير مؤهلة لقيادة العمل وتطوير الأداء واستثمار واستغلال الفرص التي منحها النظام الإداري الحكومي الإبداع.
هل سأل أحدنا نفسه وبعد عمله لسنوات عديدة ما الخلل في الجهاز الذي أعمل فيه؟ وهل يمكن إصلاحه؟ واستغلال الطاقات البشرية والمادية الموجودة ضمن الجهاز!
هل سأل أحدنا نفسه ماذا أُريـد للجهاز الذي أرأسه أو أعمل فيه أن يكون عليه في المستقبل بمعنى هيكله الإداري وطبيعة عمل وتطوير إدارته والاستفادة من النماذج الناجحة للمؤسسات الحكومية الأخرى وحتى المؤسسات الخاصة التي يمكن الاستفادة من بعض تجاربها وتطويعها لاستخدامها في المؤسسات الحكومية!
الأسئلة التي يمكن طرحها على سائل السؤال في مقدمة المقال كثيرة والقدرة على تطوير العمل وتغيير فلسفته ومناهجه وتوجهاته كثيرة وممكنة وكل ما يتطلبه الأمر من كل مسؤول أو موظف في القطاع الحكومي خصوصاً من يتولون مسؤولية الإشراف على الإدارات أو الأقسام كبرت أو صغرت هو وضع رؤية لما يريدون وتحويل هذه الرؤية إلى برامج يمكن تنفيذها على أرض الواقع وبالإمكانات المتاحة في كل مؤسسة وسيكتشفون أنهم قادرون بإذن الله على التغيير والتطوير وسيعيشون نعمة ذلك خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.
إن مؤسساتنا الحكومية تملك من القدرات والإمكانات البشرية والمادية ما يساعدها على تحقيق التغيير والتطوير وبما يواكب تطلعات القيادة والمواطنين ويأخذ بتلك المؤسسات إلى مصاف الدول المتقدمة بالعطاء والعمل ونشر ثقافته مع تحسين الأداء وتطوير الامتيازات التي يمكن أن نقدمها للموظفين العاملين بكل جد وإخلاص تحت مظلة المفهوم الإداري السليم الذي يركز على أهمية الالتزام بساعات العمل وإنجازه وإتقان الإنجاز وتطوير أسلوب العمل وفقاً لرؤية واضحة تضعها المؤسسة الحكومية ويعمل الجميع تحت مظلتها مهما تغيرت الإدارة أو أحد مسؤوليها وأن نخرج من عبارة كل ما جاءت أُمة لعنت أختها أو كما يقول البعض سآتي بما لم يأت به الأوائل.
الإصلاح ممكن والرغبة موجودة والإرادة حاضرة وكل ما نحتاج إليه هو أن، يبرز كل مسؤول قدراته وجهده ويحاول من لم يبدأ أن يبدأ في ظل رؤية إدارية مؤسسية حكومية تعمل من أجل جعل السعودية في مصاف الدول المتقدمة.
آمل أن أكون وفقت في الإجابة عن سؤال للسائل صدق عندي أو كذب وأسأله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يكون عبدا لله وأن يهديه صراطه المستقيم.
وقفة تأمل:
أشفق على شوف المطاليق شرواك
وإلا الرخوم تموت ما أحدن فقدها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق